بغداد | بخلاف جميع التوقعات والمعطيات، أرجأ القضاء البحريني إصدار حكمه في قضية المرجع الديني البحريني عيسى قاسم، إلى السابع من أيّار المقبل. وأثار قرار التأجيل استغراب الكثيرين، سبقته تسريبات عدّة، وتصريحات تحدّثت عن تدخلٍ مباشر من مراجع مدينتي النجف الأشرف (العراقية) وقم (الإيرانية)، بالتزامن مع إفتاء بعض المراجع بوجوب الدفاع حتى الموت عن قاسم.
وصعّدت بعض المراجع من مواقفها، في خلال الأيّام القليلة الماضية، مشدّدة على ضرورة «الدفاع حتى الموت كفاية عن الشيخ قاسم»، معتبرة من يُقتل دفاعاً عنه «فهو شهيد».
وفي الوقت الذي لم تصدر فيه أيّة مواقف رسمية من مرجعيات النجف بشأن تطورات القضية، خلافاً للحراك الذي جرى في خلال إسقاط الجنسية عن قاسم في حزيران الماضي، علمت «الأخبار» من مصادر مقرّبة من قاسم، أن تحركات واتصالات أجرتها المرجعية الدينية العليا (السيد علي السيستاني) لحلحلة القضية وتسويتها، الأمر الذي أفضى إلى تأجيل قرار الحكم لشهرين آخرين، وفق المصادر.
وقال ممثل قاسم في إيران عبد الله الدقاق، في بيان وجّهه إلى الشعب البحريني عقب صدور قرار تأجيل الحكم، إن مراجع الدين في النجف وقم «يتابعون الأوضاع لحظة بلحظة»، مؤكّداً أنهم «سيواصلون الدفاع عن الشيخ قاسم حتّى النفس الأخير».

طلب العبادي والجعفري
من الجبير تسوية قضية قاسم، فوعدهما «خيراً»

وفي تصريحاته لوسائل إعلام عراقية، أوّل من أمس، كشف الدقاق عن تحركات يجريها السيستاني لـ«منع مساس السلطة البحرينية بقاسم»، دون أن يوضح طبيعة تلك التحركات، وهل هي مع أطراف في النظام أو جهات مؤثرة عليها. لكن الدقاق عاد ونفى، أمس، ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن لسانه، مؤكّداً على أن «السيستاني لم يتواصل مع الحاكم في البحرين وحكومته».
ونقلت مصادر «الأخبار» عن مكتبي السيستاني في النجف وإيران أن «تحركات جديدة لتسوية وحلحلة قضية قاسم يقودها المرجع الأعلى»، مضيفةً أنَّ «المرجعية تدرس حالياً بلورة الموقف، على أن تتحرك على أساسه». وعلى صعيد ماهية تلك المواقف والتحركات، لفتت المصادر إلى أنه «ليس من المستحسن الإفصاح عنها حالياً، لأنها ما زالت في طور المساعي والمباحثات، ولا نعلم ما ستؤول إليه»، مشيرةً إلى أنَّ تلك التحركات بدأت بعد صدور قرار التأجيل.
وكشفت المصادر ذاتها عن مسعى سياسي عراقي رسمي، لافتةً إلى أنَّ رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري طرحا على وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في أثناء زيارته لبغداد (في 25 شباط الماضي)، قضية قاسم، مؤكّدين أنَّ «من الضروري تسوية الأمر، نظراً إلى ظروف المنطقة». وأضافت المصادر أن «الجبير وعد خيراً»، مستدركةً ــ إلى أنّه حتى الآن ــ «لا يوجد أي شيء على أرض الواقع».
وعلى الرغم من استمرار الاتصالات بين بغداد والرياض، فإن الجانب السعودي لم يبدِ أي موقف لغاية الآن، ولم يعرض حتّى شروطاً أو مساوماتٍ حول القضية، مشيرةً إلى عدم وجود تجاوب كافٍ مع التحركات العراقية من الجانب البحريني، الذي يرتبط تلقائياً بالموقف السعودي.
وكانت وزارة الداخلية البحرينية قد أعلنت، في حزيران الماضي، إسقاط الجنسية عن عيسى أحمد قاسم، متهمةً إيّاه بتأسيس تنظيمات تابعة لمرجعية سياسية دينية خارجية، حيث أدى دوراً رئيسياً في خلق بيئة طائفية متطرفة، وعمل على تقسيم المجتمع تبعاً للطائفة، وكذلك «تبعاً للتبعية لأوامره». ومنذ ذلك التاريخ، تعرّض محيط منزل قاسم في بلدة الدراز لأكثر من هجومٍ من قبل السلطات الأمنية، مسقطة بذلك كل «الخطوط الحمراء»، بتعبير قوى المعارضة.