تضاربت روايات السلطة الفلسطينية بين مسؤولين فيها بشأن استقالة حكومة التوافق التي يرأسها رامي الحمدالله وشكلت قبل عام جراء اتفاق وقع في غزة بين حركتي «حماس» و«فتح». تضاربٌ أثار حفيظة «حماس» التي رفضت إجراء تغييرات على الحكومة من دون إجراء مشاورات وتوافق مع الفصائل الأخرى، علماً بأن هذا التشكيل الجديد المنوي تركيبه بأوامر من رئيس السلطة، محمود عباس، جاء بعد حديث طويل عن «تعديلات وزارية» أفضت إلى تغيير كلي.
ومن اللحظة الأولى لانتهاء اجتماع الثلاثاء للجنة المركزية لـ«فتح» خرجت تسريبات تؤكد أن استقالة الحمدالله التي قدمت مسبقاً عن «التوافق» أعلن عباس قبولها، وهو ما خرج المستشار السياسي لعباس، ليؤكده في تصريحات صحافية أمس، مضيفاً أن «أبو مازن» كلف الحمدالله نفسه تشكيل حكومة جديدة. أما المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، فنفى تقديم رئيس الوزراء اي استقالة، لافتاً إلى أن الأخير «سيحضر اجتماع اللجنة التنفيذية الاثنين المقبل لبحث تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأن الحمدالله لا يزال على رأس عمله حالياً».
لعل هذا التضارب مقصود لجس نبض «حماس»، المعروف ردّها مسبقاً على إجراء كهذا، ولكنه في الوقت نفسه قد يعبر عن اختلاف حقيقي بين أطراف في السلطة، بعدما نُقل أن عباس حدد مهلة 24 ساعة ــ انتهت ــ لاستقالة الحكومة. ولكن بقاء الحمدالله صامتاً حتى كتابة التقرير، والحديث عن تكليفه الإعداد للتشكيلة الجديدة يعني أن الخلاف ليس بينه وبين عباس شخصياً، وقد يكون في ذلك دلالة على أن «التوافق» انتهى دورها بهذه الصيغة بعد تعرقل عملها في قطاع غزة.
على الأقل، فإن الأكثر رسمية هو ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية «وفا» التي قالت إن «الرئيس عباس التقى اليوم (أمس) في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، مع رئيس الوزراء رامي الحمدالله، وجرى الاتفاق خلال اللقاء على عقد اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يوم الاثنين بحضور رئيس الوزراء، من أجل بحث تشكيل حكومة وحدة وطنية».
في المقابل، قال المتحدث باسم «حماس» سامي أبو زهري، أمس، إن حركته تؤكد «أن أي تغييرات وزارية يجب أن تكون بالتشاور والتوافق مع الفصائل الفلسطينية»، رافضا أي «خطوات منفردة بهذا الشأن».
يذكر أن نمر حماد، اتهم «حماس» أمس بإقامة نظام «أصولي سلفي»، في غزة، بسبب قرارات وقوانين أصدرتها خلال حكمها. وأضاف أمس: «مجمل القرارات التي صدرت عنها (حماس) تنسجم وتتساوى مع الفكر الإسرائيلي لإقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة، دون الضفة الغربية والقدس، وتكريس مفهوم الصراع على أنه صراع بين مسلمين ويهود».
وهو حديث رد عليه النائب عن كتلة «حماس» البرلمانية في المجلس التشريعي، يحيى موسى، الذي وصف كلام حماد بأنه «كاذب ومضلل»، مؤكداً أن «التشريعي في غزة، لم يصدر أي قرار يتنافى مع الثوابت الوطنية، أو القوانين المتعارف عليها فلسطينياً ودولياً».
هذا السجال الجديد يفتح باباً من التراشق الإعلامي بين الحركتين كان قد خمد من مدة، ولكنه يأتي بالترافق مع التصعيد المتوقع بشأن التغييرات الحكومية في ظل استمرار أزمة الموظفين في غزة، إضافة إلى استمرار الحصار وتعرقل سير عملية الإعمار.
إلى ذلك، استمر العمل على معبر رفح بين مصر وغزة، أمس، لليوم الخامس على التوالي برغم وقوع عدة هجمات وانفجارات في شبه جزيرة سيناء وخاصة في مدينة العريش شمال سيناء، ومن المقرر أن يبقى المعبر مفتوحاً حتى غد الجمعة ضمن تسهيلات مصرية تقدم لغزة للمرة الأولى من بعد الحرب الأخيرة عليها.
(الأخبار، الأناضول)