مرة أخرى، يحاول المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أن يشغل الوقت السياسي لحرب ناهزت العامين، في محاولة لتحريك بنود اتفاق لا يتخطى في الميدان سوى الهدنة المحددة، دون أن يحمل في روحه أو نصّه ما يشي بضرورة وقف القتال، الذي لا يزال مستمراً ساعة بساعة.
أمس، وصل ولد الشيخ إلى الرياض، في ثانية محطات جولته الإقليمية الجديدة، بعدما بدأها بالكويت. ومن المقرر أن يلتقي هناك مسؤولين في حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، بالإضافة إلى مسؤولين سعوديين سعياً إلى هدنة جديدة، وفق مصادر نقلت عنها وكالة «الأناضول» التركية.
المصادر نفسها قالت إن «الأفكار الجديدة» لدى ولد الشيخ ليست واضحة بعد، لكنها لن تتعدّى وصف «التعديلات الطفيفة» على «خريطة الطريق»، علماً بأن هذه الجولة سبقها صدور قرار جديد من مجلس الأمن الدولي، أواخر شباط الماضي، أكد «الحاجة إلى عملية سياسية كاملة في اليمن»، لكن ضمن المقاس الخليجي نفسه.
أما في الكويت، فكان مساعد وزير الخارجية لشؤون التنمية والتعاون الدولي، ناصر الصبيح، قد قال إن «ولد الشيخ يقوم بجولة يتبادل فيها وجهات النظر حول السبل المثلى لإقناع أطراف الصراع بالجلوس إلى طاولة حوار واحدة، وبدء مشاورات مباشرة والتحاور لحل الأزمة».
وأكّد الصبيح أن بلاده «حريصة على التوصل إلى حلّ ينهي الأزمة اليمنية في أقرب وقت وبأقل الخسائر»، لافتاً إلى حرصها أيضاً على «تخفيف المعاناة الإنسانية، في ضوء النداء الأخير للأمين العام للأمم المتحدة بضرورة إغاثة اليمن ودول أخرى، تفادياً لحصول مجاعة».
في المقابل، جدّد المتحدث الرسمي باسم «حركة أنصار الله»، محمد عبد السلام تأكيد «القوى الوطنية التزامها الحل السياسي الشامل»، متهماً قوى العدوان بعرقلة كل مساعي السلام من خلال رهانها على الحرب العسكرية والحصار الاقتصادي.
وخلال تلقيه اتصالاً من ولد الشيخ أحمد، شدد عبد السلام على «الموقف الثابت بالتوصل إلى حل توافقي بناءً على تفاهمات مسقط، بما يشمل الجانب السياسي والترتيبات الأمنية والمعالجات الإنسانية».
في الميدان، سُجّلت أمس ضربة جديدة في صفوف القوات الموالية لتحالف العدوان، بعد مقتل قائد عمليات «لواء زائد»، العقيد فضل محمد علي الحقلي، وعدد من مرافقيه، في كمين نُصب لهم قرب جبل حوزان، غرب مدينة المخا، التابعة لمحافظة تعز.
ونقل موقع «العربي» عن مصادر أمنية، أن «الحقلي وعدداً من أفراد المقاومة الجنوبية وقعوا في كمين، حين حاولوا التقدم باتجاه الطريق المؤدي إلى محافظة الحديدة، ما أدّى إلى مقتلهم»، مضيفةً أن «عدداً من جنود اللواء وقعوا بالأسر في ذات الكمين لدى محاولتهم فك الحصار عن الحقلي ورفاقه».
المصادر نفسها تحدثت عن مشاركة «طيران التحالف في المعارك بغية فك الحصار عن وحدة العقيد الحقلي، وقصف بقوّة مواقع أعلى جبل حوزان»، لكن «مسافة الاشتباك كانت قريبة جداً، الأمر الذي صعّب مهمّة الطيران»، حيث تدور مواجهات عنيفة منذ يومين في محيط الجبل.
يذكر أن «أنصار الله» استطاعت قبل يوم السيطرة على مواقع جديدة في جبهة الأربعين، في تعز، واستهداف قوات هادي في تبة الوكيل. كذلك، وجهت «أنصار الله» والقوات المتحالفة معها، قصفاً عنيفاً بالأسلحة الثقيلة من أماكن تمركزها في تبتي سوفتيل والسلال، شرق المدينة، على مواقع تمركز قوات هادي، في حي العسكري، وثعبات، وذلك في وقت كانت فيه جبهات المدينة قد شهدت هدوءاً نسبياً مع اندلاع معارك الساحل الغربي لتعز.
في سياق آخر، اندلعت اشتباكات عنيفة أمس، بين جنود تابعين لإدارة أمن محافظة عدن، جنوبي البلاد، حيث تسيطر حكومة هادي، وعناصر حراسة «لجنة صرف مرتبات الأمن والجيش» قرب مبنى الأمن في المحافظة. وكان سبب الاشتباكات مطالبة جنود تابعين لأمن عدن بصرف مرتباتهم التي لم يتسلموها منذ 15 شهراً، خاصة بعدما قطع متقاعدون عسكريون في الجيش الطريق الرابط بين حيي السعادة والشابات، قرب مبنى إدارة الأمن، مطالبين بصرف رواتبهم هم أيضاً، المنقطعة منذ خمسة أشهر. يشار إلى أن المتحدث باسم إدارة أمن عدن، عبد الرحمن النقيب، كان قد اتهم جهات بـ«السعي لزعزعة الأمن والاستقرار في عدن، وإحراج الرئيس، عبد ربه منصور هادي، وذلك في الوقت الذي كان فيه العشرات من ضباط وأفراد الجيش الجنوبي السابق، يحتشدون أمام بوابة قصر معاشيق، في مديرية صيرة، في عدن، للمطالبة برواتبهم.
بالعودة إلى تعز، سُجّل دخول إماراتي على خط الخدمات في المحافظة، حيث وقّع المحافظ المعيَّن عبر هادي، علي المعمري، أول من أمس، مع «هيئة الهلال الأحمر الإماراتية»، مذكرة تفاهم لصيانة وإعادة تشغيل محطة المخا الحرارية، وشبكة الكهرباء العامة. وتكفلت الهيئة الإماراتية بصيانة ثلاث وحدات توربينية لإعادة تشغيلها بطاقة إنتاجية تبلغ 120 ميغاواط، لتغطية احتياجات المحافظة من الطاقة الكهربائية.
إلى ذلك، وبينما لم يعلن أي قصف أميركي جديد أمس، قالت مصادر قبلية يمنية إن تنظيم «القاعدة» اعتقل اثنين من عناصره بتهمة التخابر لمصلحة الولايات المتحدة. وأوضحت تلك المصادر، كما نقلت عنها وكالة «فرانس برس»، أن «التنظيم اعتقل العنصرين، في منطقة موجان في محافظة أبين، التي تعرضت لقصف في الأيام الماضية، ونُقلا إلى مديرية مودية»، دون أن توضح مصيرهما في ظل توقع بإعدامهما لاحقاً.
(الأخبار)