دمشق | عادت أصوات إطلاق النار وقذائف المدفعية الثقيلة إلى أجواء العاصمة السورية، أول من أمس، بعد إطلاق الجيش عملية عسكرية جديدة على محور حي القابون، شمال شرق العاصمة دمشق، بعد أكثر من عامين على هدوء جبهات الحي. العملية العسكرية شهدت في مراحلها الأولى تمهيداً صاروخياً ومدفعياً كثيفاً. وتشير المعطيات إلى أن هدفها الرئيسي هو فصل منطقة برزة عن القابون، تمهيداً لدفع المنطقة باتجاه تسوية ومصالحة نهائية، عبر تكثيف الضغط العسكري لإجبار المسلحين على الاستسلام، قبل الدفع بوحدات المشاة لاقتحام محاور الحي.
السيناريو المفترض تناقلته وسائل إعلام المعارضة بدورها، وأشارت إلى انسحاب بعض عناصر «جبهة النصرة» باتجاه بلدة عربين، في الغوطة الشرقية، ما تسبب بحالة سخط بين مسلّحي الحي. ووفق مصادر ميدانية، فإن عملية الاقتحام البرية للحي لم تنطلق بعد، بل اقتصرت العمليات على استهداف نقاط محددة تعود تبعيتها لـ«جبهة النصرة»، ضمن المزارع الشمالية التابعة للقابون، ومنطقة البعلة الواقعة وسط حي القابون، والتي تضم أبرز مقار «النصرة» في المنطقة.
ولا تخفي مصادر ميدانية التوجه نحو إجبار المسلحين على قبول التسوية، وتضيف إن ساعة إنهاء الوجود المسلح في المنطقة قد حانت، بحكم أهمية الحي كعصب رئيسي للمسلحين ونقطة انطلاق هجماتهم باتجاه العاصمة السورية.
كما يُعتبر الحي مركزاً لشبكة أنفاق تصل حي جوبر بحرستا وبرزة، وستضمن السيطرة على الحي شل تحركات المسلحين بين تلك الأحياء. غير أن الهدف المرحليّ للتصعيد في القابون هو عزل منطقة برزة بشكل كامل عن الغوطة الشرقية، والتضييق على حي جوبر، إضافة إلى تأمين مناطق سكنية مجاورة، كحي التجارة وكراج العباسيين وضاحية حرستا ومشفى تشرين العسكري، التي كانت لمدة طويلة أهدافاً لقذائف الهاون التي تطلق من القابون تحديداً.
ويلفت مصدر ميداني إلى أن العملية العسكرية لن تكون بهذه السهولة، لأنها ستكون «تحت الأرض وفوقها»، في إشارة إلى شبكة الأنفاق الطويلة والمعقدة تحت الحي، والتي تحصّن مواقع مسلحيه. غير أن المصدر يرجّح استمرار العملية حتى السيطرة على كامل الحي، لكونه يعتبر مفصلياً في معارك السيطرة على المناطق المجاورة.
ورغم الاستهداف الناري المكثف من قبل المسلحين، فقد بقي طريق برزة ــ مشفى تشرين سالكاً دون أن يغلق. وحاول المسلحون الضغط على قوات الجيش عبر استهداف قصفهم لمناطق لسكنية عديدة، كالعدوي والتجارة ومزارع مساكن برزة وضاحية حرستا، ما أدى إلى استشهاد امرأة وإصابة 4 مواطنين بجروح. من جهتهم حاول مسلحو جوبر تشتيت جهود الجيش، غير أن هجومهم لقي فشلاً سريعاً.
وفي ريف حمص، تواصلت معارك الجيش غرب مدينة تدمر، التي تسعى لاستعادة السيطرة على المدينة وعلى حقول النفط والغاز المجاورة لها، وسط تراجع لمسلحي تنظيم «داعش».
وتمكّن الجيش وحلفاؤه من السيطرة على مزارع طرفة الغربية وطرفة الشرقية في منطقة البيارات، غربي تدمر. فيما واصلت القوات السورية تقدمها في محيط «مدرسة السواقة»، حيث سيطرت على المجبل والرمل في المحيط الغربي للمدينة الأثرية. ووضع التقدم الأخير الجيش على بعد أقل من 14 كيلومتراً عن منطقة مثلث تدمر. ووفق المصادر الميدانية، فإن سيطرة الجيش على تلال الملح، شمال غرب تدمر، مكّن الجيش من تأمين محيط شركة الغاز «حيان»، في انتظار الخطوة التالية للتقدم باتجاه آبار جزل النفطية.