لم تسر خطة الوزير الذي عين أخيراً وفق المخطط المعدّ، إذ كان يُفترض عدم إطلاق النار أثناء المداهمة الأمنية، لكن المداهمة تحولت إلى مواجهة مسلحة بين قوات الأمن والدرك من جهة، والمطلوبين من جهة ثانية، فقُتل مطلوبان اثنان، وأُصيب أربعة من قوات الدرك، وسط دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى إعلان عصيان مدني في المحافظة اليوم الثلاثاء.
وتسبب ملف معان، التي عانت الإقصاء الحكومي وتردي الخدمات والتعنت الأمني، بإقالة ثالوث القادة الأمنيين أخيراً (وزير الداخلية ومدير الأمن العام ومدير الدرك)، وذلك لسوء إدارتهم للملف، كما رأى الملك عبد الله الثاني.
مع هذا، فإن حماد، الذي تعامل بيد من نار ــ على حد وصف بعض المراقبين ــ لم يكن أفضل من سابقيه، كما اعتبر مراقبون أن معان تدفع ثمن سوء إدارة ملف المطلوبين في الدولة، وأيضاً إهمال الحكومات المتتالية لها، لتجني الرصاص والدم، وربما العصيان المدني.
بررت الراوية الأمنية ما حدث في بيان صحافي لوزارة الداخلية تناول مجريات المداهمة الأمنية وتفاصيلها. وقالت الداخلية إن المطلوبين كانوا مسلحين، وإن ثلاثة منهم أشقاء، وهم مصنفون بدرجة "خطير جدا". ووفق البيان، انفجر لغم أرضي عند اقتراب القوة الأمنية من المنزل الذي يتحصن فيه المطلوبون، فأصيب أحد أفراد القوة وحالته حرجة.
بعد ذلك، جرى إطلاق نار كثيف من أسلحة أوتوماتيكية، ورمي قنابل يدوية الصنع، فأصيب ثلاثة من أفراد القوة بجروح متفاوتة، ليأتي الرد على مصادر النيران بالمثل. كما أعلن ضبط قواذف "آر بي جي" مع حشوات جاهزة وبنادق رشاشة وقنابل يدوية الصنع في المنزل، لكن شهود عيان من سكان المحافظة نفوا الرواية الرسمية، قائلين إن الهدف منها "شيطنة المدينة"، وحمّلوا الحكومة والأجهزة الأمنية المسؤولية عن إراقة الدماء.
ويروي سكان آخرون أن الأجهزة الأمنية ــ بعدما لم تفلح في إلقاء القبض على المطلوبين ــ قامت بإطلاق النار دون إنذار، وحاولت إحكام السيطرة على المنطقة كلها، ما أدى الى وقوع الاشتباك. وأفاد السكان بأنه في التاسعة من صباح أمس، قُتل الشاب أحمد كزي وأصيب عدد من رجال الأمن، لتستمر المواجهة حتى الواحدة من بعد الظهر، ثم ظهر مقتل الأخ الأكبر، قاسم كزي، متأثراً بجراحه.

قتيلان وإصابات في مواجهة مسلحة بين الدرك ومطلوبين

ولا تزال قوة أمنية كبيرة تحاصر المنطقة بعد انتهاء المواجهة، وذلك بالتزامن مع الدعوات إلى إعلان حالة من العصيان المدني في المحافظة، احتجاجاً على الإهمال وسوء الإدارة .
وفي حديث إلى "الأخبار"، حمّل رئيس بلدية معان، ماجد الشراري، الحكومة المسؤولية الكاملة عن زيادة الموقف تعقيداً "مع سقوط قطرة الدم الأولى". ورأى أن المشهد في المحافظة يزداد ضبابية، برغم تحذيرات الوجهاء والنواب من تفاقم الأزمة، مع انتهاء المهلة المحددة لتسليم المطلوبين.
وجاءت المداهمة بعد انتهاء مهلة كان قادة ومسؤولون أمنيون ووجهاء من معان قد توافقوا عليها لتسليم هؤلاء المطلوبين طواعية، لكن جميع الجهود بهذا الاتجاه لم تنجح، وذلك مع تطور الأساليب الأمنية لتنتهي بهدم بيوت بحجة استخدام المطلوبين النساء والأطفال دروعاً بشرية.