رام الله | مشهدٌ قاسٍ تسبب فيه جنود الاحتلال الإسرائيليّ، ذلك الذي استيقظ عليه أهالي قرية «كفر مالك» شمال شرق رام الله، صباح أمس، وانتهى باستشهاد الشاب عبدالله غنيمات.لقرابة ثلاث ساعاتٍ متواصلة، ترك جنود الاحتلال، متعمّدين، الشهيد غنيمات (22 عاماً) وقد أطبق عليه جيب إسرائيليّ ارتطم بجدار وسط القرية. تعددت الروايات التي نقلت الحادثة، لكنّ المهم، وفق والد الشهيد في حديثه إلى «الأخبار»، أن «الفاعل منعدم الضمير ليس مستتراً». يقول إياد غنيمات إنه عند الرابعة والنصف فجراً، بينما كان نائماً في بيته، سمع صوت مواجهات، ثم إطلاق نار وصراخ قوي انتهى بارتطام كبير لم يعرف ماهيته، مضيفاً أن أحد الجيران أبلغه أن جيباً إسرائيلياً انقلب بعد ارتطامه بجدار بمنطقة الحارة الغربية وسط القرية، ولا يبعد عن بيته سوى خمسين متراً.

وسرد الوالد: «عند طلوع الصباح لاحظنا وجود شاب لم نستطع التعرّف عليه أسفل الجيب الإسرائيليّ المقلوب»، فيما رفض الجنود أي محاولات من الأهالي لانتشال الشاب، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع مواجهات وحالة من التوتر، حتى تم انتشال الجثة بوساطة رافعة محليّة، من دون معرفة هوية الشهيد أيضاً بسبب تشوّه الجثمان.
«شاهدته، وكذلك والدته، ولم نتعرّف عليه»، يضيف والده نقلاً عن شهود عيان أن جنود الاحتلال أطلقوا النار نحو ابنه وأصابوه، ثم لحقه الجيب في محاولة لدهسه، لكنّه ارتطم بجدار اسمنتيّ وانقلب.
ضابط الإسعاف الذي وصل إلى المكان قال لـ«الأخبار» إنه نقل جثمان الشهيد وقد كانت ساقه مبتورة، وهو مصاب بطلق ناريّ في خاصرته اليمنى، بينما شدد مدير الطوارئ في مستشفى رام الله، لـ«الأخبار»، على أن الفحص الشرعي أظهر أن الشهيد لم يصب بطلقات ناريّة، بل أصيب بكسور في الجمجمة والحوض والأطراف، وكان «مهروساً» في بعض أنحاء جسده.
في السياق، قالت محافظ رام الله والبيرة، ليلى غنام، إن غنيمات استشهد برصاص الاحتلال ثم انقلب الجيب العسكري عليه، محذّرة من تبنّي الرواية الإسرائيلية «الزائفة» التي ادّعى الاحتلال فيها ــ المتحدث باسم جيش الاحتلال ــ أن الشاب حاول إلقاء زجاجة حارقة على الجيب الذي انقلب بعد انحرافه عن مساره، أو الحديث عن حادث سير. وأضافت غنام: «استشهاد غنايم ناتج من إطلاق النار عليه بدم بارد، ومن ثم دهسه بعد مطاردته وهو مصاب، وانقلاب الجيب العسكري (عربة) عليه».
ويعمل الشاب غنيمات، وهو أكبر إخوته، في مزرعة للدواجن، وقد اعتقله الاحتلال عام 2012 مدة سنتين بتهمة إلقاء زجاجات حارقة وتعطيل حركة المستوطنين على الشارع القريب، وأفرج عنه قبل ثمانية أشهر فقط.
«هيئة شؤون الأسرى» نعت بدورها «شهيد كفر مالك»، مستنكرةً «طريقة اغتياله البشعة»، فيما علّق المتحدث باسم حكومة الوفاق، إيهاب بسيسو، على الحادث بقوله إن على المجتمع الدولي التدخل فوراً لمنع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، مطالباً بمحاسبة مرتكبي الجرائم من جيش الاحتلال.
ويتساءل والد الشهيد في ختام حديثه: «هل يظنون دمنا رخيصاً إلى هذه الدرجة؟... لو كان إسرائيلياً هل سيتركونه هكذا لثلاث ساعات؟».
وفي التشييع، حُمل غنيمات على الأكتاف ملفوفاً بالعلم الفلسطيني وسط زغاريد النساء وهتافات الرجال المنددة بالجريمة الإسرائيلية، قبل مواراته الثرى في مقبرة البلدة.