رداً على تقرير الأمم المتحدة، الذي سينشر في نهاية الشهر الجاري ويكشف عن بعض الجرائم التي ارتكبها جيش العدو خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة، ستنشر إسرائيل تقريراً مضاداً يبرر مقتل وجرح آلاف المدنيين الفلسطينيين. ويلقي تهمة التسبب بمقتل المدنيين على حركة «حماس» وبقية فصائل المقاومة.وعلى خلفية تسلم رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، التقرير الإسرائيلي عن الحرب من سكرتير الحكومة، أفيخاي مندلبليت، رد نتنياهو على الاستنتاجات التي وردت في تقرير الأمم المتحدة، معتبراً أن قراءتها «مضيعة للوقت»، وأن الخلاصات «التي وردت فيه ضد إسرائيل تمت صياغتها مسبقاً، بل قبل التحقيق». واعتبر نتنياهو أن العمليات التي نفذها الجيش الإسرائيلي ضد غزة، وأدت إلى استشهاد مئات الشهداء وجرح الآلاف من بينهم مئات الأطفال هي «ملائمة للقانون الدولي». وبرر ذلك بالقول إن «الجيش يقاتل ضد منظمة إرهابية دامية ترتكب جرائم حرب مضاعفة لأنها تطلق النار على المدنيين وتختبئ وراءهم».

في سياق متصل، رأى نتنياهو أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «جهة معادية لإسرائيل وليس موضوعياً في ما يتعلق بإسرائيل، لأنه تلقى قرارات معارضة ضد إسرائيل أكثر مما تلقى ضد سوريا وإيران وكوريا الشمالية معاً». لكنه تجاهل في هذا الموقف حقيقة أن كل ما صدر عن مجلس الأمن لم يقترن بأي خطوات إلزامية وعملانية ضد إسرائيل، بل كانت الأخيرة دائماً في موقع المحصَّن من أي إجراءات بفعل احتضان الولايات المتحدة والعديد من الدول العظمى لها، فضلاً عن أن هذه القرارات أتت في أعقاب جرائم ارتكبها جيشها بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة.
واتهم نتنياهو تقرير الأمم المتحدة بأنه محاولة لنزع شرعية دولة إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، مؤكداً أن تل أبيب ستعمل في كل مكان ووفق ما يقتضي الأمر من أجل التعامل مع ما وصفه بأنه «ادعاءات كاذبة، ومع المبادرات المعادية لإسرائيل».
وتتمحور الفكرة المركزية في التقرير الإسرائيلي المضاد لتقرير الأمم المتحدة، حول أن إسرائيل لم تكن تريد الحرب، ولكن «حماس هي التي بادرت إليها». وتناول أيضاً المسار الذي أدى إلى عملية «الجرف الصامد» في صيف 2014 ضد غزة. وسيفصل المسارات السياسية التي جرت خلال العدوان، وتحديداً ما يتعلق كما ورد في التقرير بـ«رفض حماس اقتراحات عدة لوقف النار تمت بلورتها بمساعدة مصر، ووافقت عليها إسرائيل وأيدتها الجامعة العربية»، كما سيتناول التقرير الإسرائيلي حالات اتهمت فيها «حماس» بأنها «خرقت وقف النار المؤقت الذي التزمت قبوله، ما أدى إلى استئناف القتال».
وفي محاولة لرمي التهمة على الجانب الفلسطيني، سيتضمن التقرير ما سماه «جرائم حرب» ارتكبتها «حماس» والمنظمات الفلسطينية الأخرى، وأيضاً تكرار التهمة الإسرائيلية الدائمة بأن الحركة وبقية فصائل المقاومة «اتخذت المدنيين دروعاً بشرية»، مع أن استهدافهم كان يشكل عنصر الضغط الأهم على هذه الفصائل واعتمدتها إسرائيل كجزء أساسي من استراتيجيتها لمواجهة المقاومة، بعدما عجزت عن إسكات الصواريخ التي كانت تنطلق رداً على اعتداءات سلاح الجو الإسرائيلي.
وأوضح التقرير المقدم لنتنياهو، وساعد في كتابته عشرة جنرالات من جيوش مختلفة في العالم من بينهم رئيس الأركان الألماني السابق كلاوس نيومان الذي ترأس الوفد، أنه «لم يتجنب أي جيش في العالم إصابة المدنيين كما فعل الجيش الإسرائيلي». واختتم التعليق بالقول: «إذا كان هناك خلل في العمليات العسكرية الإسرائيلية، فلن يكون هناك مفر من دراستها، كما هو مطلوب في دولة ديموقراطية»، وأضاف: «آليات التحقيق والتفتيش في إسرائيل هي الرائدة في العالم... عند اكتشاف ادعاءات ذات صدقية يجري التحقيق فيها».