كشفت محاضر جلسات مسربة للمجلس الوزاري المصغَّر في إسرائيل، سبقت وواكبت العدوان على قطاع غزة عام 2014، أن إسرائيل لم تكن مستعدة وجاهزة لخوض العدوان، ولم تقدّر مسبقاً حجم التحدي وإمكاناته، في جرِّها إلى حرب دامت أكثر من خمسين يوماً.
المحاضر المسرَّبة، كما نشرت أمس في صحيفة يديعوت أحرونوت، تظهر بوضوح إخفاق الجيش الإسرائيلي في الاستعداد لمواجهة أنفاق غزة الهجومية، وخشية القيادة العسكرية من خوض حرب برية، وخلافات حادة جداً وتباين في الآراء، بين الوزراء أنفسهم وبينهم وبين قيادات الجيش التي عملت جاهدة دون طائل، لمنع التصعيد والانجرار نحو المواجهة.

طالب نفتالي بينيت بضرورة المبادرة واجتياح بري واسع للقطاع

بحسب المحاضر المسرَّبة، قاد الوزير نفتالي بينيت، خطاً هجومياً، وطالب بضرورة المبادرة إلى اجتياح بري واسع للقطاع، فيما عمل وزير الأمن في حينه، موشيه يعلون، وإلى جانبه رئيس الأركان، بني غانتس، على صدّ هذا التوجه والحدّ من اندفاعته. أما رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، فقاد خطاً توفيقياً وطالب بـ"رد منضبط". إلا أن أهم ما تبين من خلال التسريبات، هو الجهل الاستخباري للجيش الإسرائيلي حول القدرة الفعلية للمقاومة في قطاع غزة، والجهل حول الأنفاق الهجومية، والخشية من التصعيد.
النقاشات كما ترد، وحدّة الخلافات والاتهامات الشخصية وأجواء التردد والتخبط، هي عيّنة دالة على أسلوب وشكل ومضمون بلورة القرارات الأمنية في تل أبيب. كذلك تظهر الهوة بين التصريحات والمواقف الإسرائيلية التي كانت سائدة ومتداولة للمسؤولين العسكريين والسياسيين، حول الاستعداد لمواجهة قطاع غزة، فيما يتبين مستوى كبير من عدم الجاهزية والاستعداد الفعلي، وتحديداً ما يتعلق بالأنفاق الهجومية، وأيضاً عدم صلة الوزراء بما يجري على الأرض.
ويتبين من التسريبات أن المؤسسة العسكرية، قاتلت الوزراء المندفعين إلى خوض المواجهة مع قطاع غزة، والدعوات إلى ااحتلال القطاع، وطالبت بضرورة الحذر وعدم الانجرار وراء الانفعالات والقرارات المتهورة، وكما تظهر التسريبات، كان يعلون كوزير للأمن، وأيضاً رئيس الأركان غانتس، ومعهما رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، يرفضون كل عمل قد يؤدي، أو من شأنه أن يؤدي، إلى تصعيد ومن ثم الانجرار نحو عملية برية يرفضونها بالمطلق.
وتشير التسريبات إلى أنّ العملية البرية، وإن جاءت بعمق محدود في قطاع غزة، قد فرضت فرضاً على الجيش الإسرائيلي بعد أن رفضها، بل بعد ساعات من انطلاق العملية العسكرية، طالب الجيش بتلقف المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار. وعلى نقيض من التقارير الإسرائيلية السابقة واللاحقة للعدوان، كشفت التسريبات هوة في تقديرات الجيش واستخباراته حول الأنفاق، بين عددها المقدَّر وما عُثر عليه لاحقاً، وكشفت أيضاً أنه لم يكن لديه آلية للتعامل معها وأسلوب تدميرها، وهو الذي حدث فقط خلال العمليات العسكرية، وارتجالياً دون إعداد مسبق.