مع اقتراب موعد محادثات أستانة المرتقبة خلال ثلاثة أيام، تؤكد تصريحات الطرفين السوريين الحكومي والمعارض ما جرى الحديث عنه مسبقاً حول اكتفاء جولة المحادثات بنقاش وقف إطلاق النار، إذ أوضح الرئيس السوري بشار الأسد أن أولوية محادثات أستانة هي «التوصل لوقف إطلاق النار لحماية حياة الناس والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول»، مضيفاً أنه ليس واضحاً ما إذا كانت المحادثات «ستتناول أي حوار سياسي».
وفي تطور لافت، أعلنت الأمم المتحدة، أمس، أن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا سيحضر جولة المحادثات، بعد يوم من دعوة موسكو المنظمة إلى لعب دور الوسيط بين الطرفين السوريين.
ومع اكتمال ترتيبات الوفدين المفاوضين للتوجه نحو طاولة المحادثات، يبدو أن الميدان سيشهد عمليات نشطة ضد تنظيم «داعش»، وذلك في ضوء الهدوء النسبي الذي يشهده عدد كبير من الجبهات المشمولة باتفاق وقف إطلاق النار المبدئي، إذ صعّد الجيش السوري وحلفاؤه يوم أمس عملهم الميداني على عدد من الجبهات ضد تنظيم «داعش»، وتمكنوا من تحقيق تقدم في كل من ريفي حلب الشمالي الشرقي والشرقي، إلى جانب تعزيز مواقعهم في ريف حمص الجنوبي الشرقي، شرق مطار «T4».
ويبدو لافتاً تقدم الجيش شمال شرق المنطقة الصناعية (الشيخ نجار) في ريف حلب، باتجاه القرى الواقعة على الطريق الواصلة إلى مدينة الباب. وسيطر الجيش خلال اليومين الماضيين على بلدات برلهين واعبد وعفرين وشحرور، وتابع تقدمه باتجاه بلدة صوران ــ الباب الواقعة على الطريق الرئيسي. وبالتوازي تقدم الجيش في جنوب شرق بلدة خناصر، موسعّاً طوق الأمان لطريق أثريا ــ خناصر ــ السفيرة، التي سبق أن تعرضت لعديد من الهجمات من قبل تنظيم «داعش» خلال السنوات الماضية. وتمكن الجيش خلال العملية أمس من السيطرة على عدد من القرى، بينها الجديدة وأم ميال ودريب الواوي.

الأسد: أولوية المحادثات هي التوصل لوقف إطلاق النار


وفي عملية واسعة النطاق بمشاركة سلاحي الجو السوري والروسي، تقدم الجيش السوري وحلفاؤه شرق مطار «T4» في ريف حمص الجنوبي الشرقي، ونقلت وكالة «سانا» عن مصدر عسكري قوله إن «وحدات الجيش استهدفت بضربات مركزة تجمعات تنظيم (داعش) جنوب قرية شريفة»، مضيفاً أن ما يزيد على 15 من عناصر «داعش» قتلوا خلال الاشتباكات، وتم تدمير عربة مدرعة و7 سيارات مزودة برشاشات ثقيلة. كذلك نفّذت قوات الجيش عمليات مكثفة ضد مواقع تنظيم «داعش» شرق بلدة القريتين باتجاه قرية الباردة.
أما في دير الزور فلا يزال الجيش في وضعية دفاعية، بالتزامن مع الغطاء الجوي المستمر الذي أمّنه سلاح الجو عبر استهداف مواقع «داعش» في منطقة المقابر ومحيط المطار العسكري، وفي قرية البغيلية ومحيط جبل الثردة. ونفت مصادر عسكرية سورية ما تم تناقله حول سيطرة «داعش» على مبنى جامعة الفرات وكلية الآداب والزراعة والسكن الجامعي في مدينة دير الزور، مؤكداً أن «هذه المباني بأكملها ومحيطها آمنة بالكامل».
ومع احتمال التوصل إلى إقرار وقف «موسّع» لإطلاق النار وآلية لتطبيقه على الأرض، نقلت وكالة الأنباء الروسية عن نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، قوله إن بلاده سترسل مسؤولين من وزارتي الخارجية والدفاع للمشاركة في جولة محادثات أستانة. كذلك سيقود دي ميستورا وفد الأمم المتحدة إلى الاجتماعات، بناءً على طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي برر ذلك بـ«تعقيد وأهمية القضايا المرجح أن تناقش» هناك. وبالتوازي، أعلن المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية الإيرانية أن نائب وزير الخارجية، حسين جابري أنصاري، سيرأس وفد طهران إلى محادثات أستانة.
وحول رؤية دمشق بشأن المحادثات، قال الرئيس بشار الأسد، في مقتطفات نشرتها «صفحة الرئاسة السورية» على «تويتر» من مقابلة مع قناة «تي بي اس» اليابانية، إن بلاده تعتقد أن «أستانة سيكون على شكل محادثات مع المجموعات الإرهابية لوقف إطلاق النار والسماح لها بالانضمام للمصالحات»، مضيفاً أن «انضمام المجموعات الإرهابية للمصالحات، يعني تخلّيها عن أسلحتها والحصول على عفو من الحكومة». وأعرب عن أمله في «وضع حد للحرب في سوريا بأسرع وقت ممكن، فهذا هو السبيل الوحيد الذي يمكننا من خلاله إنقاذ الدماء السورية».
وفي الجانب المقابل، رأى رئيس وفد المعارضة السورية إلى محادثات أستانة، محمد علوش، في مقابلة مع وكالة «الأناضول»، أن هدف المعارضة هو «تثبيت وقف إطلاق النار بشكل جدي، وخاصة المناطق المشتعلة في وادي بردى والغوطة الشرقية وجنوب دمشق»، مضيفاً أنه في حال «ثبّتت الاتفاقية (وقف إطلاق النار) بتفاصيلها، وصولاً إلى وجود مراقبين لوقف إطلاق النار، سيعلم العالم كله من الذي يخرق هذا الوقف». وأضاف «روسيا تسعى، أو كما تُظهر لنا على الأقل أنها اقتنعت بالحل السياسي، وليس كما كانت بداية عام 2016 في مفاوضات جنيف، حيث تغير الخطاب الآن، وهناك متغيرات دولية على الساحة، وعلينا أن نستفيد منها لتحقيق مصالح الشعب السوري».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، تاس)