رام الله | عكست حادثة اكتشاف أسرى فلسطينيين محررين كاميرات تجسس زرعها جنود العدو الإسرائيلي داخل بيوتهم في بيت لحم أبعاداً خطيرة للاقتحامات المتكررة، ومنها ما استهدف منزلي الأسيرين المحررين طارق وصبري جبريل، في إطار حملة اعتقالات طاولت بلدة تقوع شرق بيت لحم قبل أيام.
زرع الجنود ثلاث كاميرات صغيرة خلال تفتيش البيتين بصورة دقيقة على الباب الرئيسي لكل منهما، وذلك بعدما كانوا قد جمعوا سكان المنزليْن في غرفة واحدة. لم يشك أي من أصحاب البيت في احتمالية تركيب كاميرات، لأن العدو غطّى على ذلك بعملية الاقتحام والتفتيش التي تبدو طبيعية ويتعرض لها عشرات الفلسطينيين يومياً، لكن المصادفة لعبت دورها في اكتشاف هذه الكاميرات الصغيرة الحجم بعد عدة أيام من تركيبها.
وزرع كاميرات المراقبة داخل المنازل هي سابقة خطيرة، فالفلسطينيون اعتادوا رؤية كاميرات المراقبة تعجّ بالمفترقات الرئيسية بين المدن والقرى وعلى الحواجز وقرب المستوطنات، وكذلك على الشوارع المختلطة بين الفلسطينيين والمستوطنين ومحطات تعبئة الوقود الاسرائيلية، وليس أخيراً إطلاق مناطيد تجسس في السماء (راجع العدد ٣٠٧٩ في ١٤ كانون الثاني).

تاريخ العدو مع الكاميرات حافل، لكن ما اكتشف أمس سابقة خطيرة

ويرى الفلسطينيون أن هذا التصرف وصل إلى قمة انتهاك الخصوصية، رغم تعدد وسائل التجسس واختراق الهواتف والحواسيب، ويتعدى على حرمة المنزل وقاطنيه، لكن ذلك ــ وفق رأيهم ــ مرتبط بتخوفات إسرائيلية متزايدة مع تصاعد موجة العمليات، وبعبارة أخرى، إن الكاميرات والعمليات تتسمان بعلاقة طردية.
تاريخ الاحتلال مع الكاميرات حافلٌ، وتختلف لديه أنواع الكاميرات التجسسية وأغراضها وأحجامها، فمنها ما قد يكون مكشوفاً وظاهراً للعيان مثل المنصوبة قرب المناطق الساخنة كالحواجز والمستوطنات. أما الأخطر، فهي المموهة، وتدخل حادثة تقوع ضمن نطاقها، وهي تركّب سراً، وتكون صغيرة الحجم، بل لا تتجاوز حجم حبة الفول.
بجانب ذلك، ثمة كاميرات مموهة، كالتي تأخذ لون الأشجار أو الصخور، ومهمتها مراقبة أي مقاومين قد ينفذون عمليات انطلاقاً من مناطق حرجية. وتقول مصادر أمنية إن هذا النوع يعتمد على تخزين طاقة الشمس والإرسال من بعد، فلا حاجة للأسلاك التي قد تؤدي إلى انكشافها. وأبرز الحوادث التي كشفت فيها كاميرا من هذا النوع، كانت قرب قرية بدرس، غرب رام الله، حيث زرع العدو كاميرات صغيرة داخل صخور قرب جدار الفصل منتصف عام 2014.
على صعيد كاميرات المراقبة في السجون، يقول الأسير المحرر يونس الحروب، لـ«الأخبار»، إن العامين الماضيين سجلا حادثتين لزرع الكاميرات داخل غرف الأسرى: الأولى في سجن «ريمون»، والثانية في سجن النقب ــ قسم «25»، حيث عثر الأسرى على ثلاث كاميرات تجسس وعدة أجهزة تنصت وضعتها إدارة السجون بشكل لا يثير الريبة، داخل عدة غرف خاصة بالأسرى وفي «الكانتين» التي يشترون منها موادهم الغذائية.
أما عن الكاميرات بين الأقسام وساحات السجون، فهي موجودة منذ سنين طويلة. ووفقاً للحروب، فإن قوات مصلحة السجون عندما تريد وضع كاميرات، تفتعل أزمة لإفراغ قسمٍ كامل لعدة أيام، ثم تزرع كاميرات المراقبة، مستدركاً: «غالباً ما يكتشف الأسرى هذه الكاميرات إذا كانت في غرفهم... هي تمثل للأسير قيداً إضافياً فوق قيده، وتخلق وضعاً نفسياً مزعجاً له».
رغم ما سبق، فإن انتهاك الاحتلال الخصوصية ليس جديداً، ففي نهاية العام الماضي، رُكّبت كاميرات مراقبة بتقنية عالية في منطقة سلوان في القدس، وارتفعت الكاميرات خمسة أمتار، الأمر الذي أدّى إلى كشف منازل الفلسطينيين في الأحياء المقدسية.
ولا يقتصر خطر كاميرات التجسس وأجهزة التنصت، كالتي في تقوع (بيت لحم)، على انتهاك خصوصية المنازل والحصول على معلوماتٍ مباشرة، بل يمتد إلى احتمالية استغلال ما تصوره لابتزاز أصحاب البيت، فيخضعون للمساومة على التعاون الأمني مقابل التستر على المعلومات.
ووفق موقع "المجد" الأمني المقرب من حركة "حماس", يقدّم خبراء أمنيون طريقتين للتحقق من وجود كاميرات داخل المنازل، الأولى عبر تطبيق «Glint finder» الذي يتوافر في الهواتف الذكية التي تعمل بنظام «الأندرويد»، إذ يشغّل التطبيق الفلاش مع إطفاء إنارة المنزل، فتنطلق إشعاعات وومضات في أرجاء المكان، وعند اصطدام هذه الومضات بعدسة كاميرا التجسس، فإنها تظهر كجسم لامع منعكس. والطريقة الثانية عبر فتح المذياع «الراديو» على موجة Fm ذات تردد 91.33، ثم أخذ جولة بالراديو في غرف لمنزل، وعندما يزداد التشويش في المذياع، فهذا يدل على وجود جهاز فيديو.
قانوناً، لا يوجد نص قانوني ينظم عمل كاميرات المراقبة على صعيد الضفة المحتلة، رغم انطلاق حملات سابقة تدعو إلى تكسيرها وإتلاف تسجيلاتها في حال وقوع عملية بالقرب من محلات يملكها فلسطينيون، حتى لا يستفيد العدو منها في معرفة المنفذين.




جرادات يعلن إضراباً عن الطعام... والقيق يواصل

أعلن الأسير الفلسطيني المعزول في السجون الإسرائيلية أنس جرادات، إضرابه المفتوح عن الطعام، احتجاجاً على سياسة العزل الانفرادي التى يتعرض لها، وللمطالبة بعرضه على المستشفى لمعرفة المرض الذى يعاني بسببه.
وأعلنت «الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة الجهاد الإسلامي» الاستنفار بين «جميع مجاهديها في سجون الاحتلال... بعد الإعلان المباشر والصريح من إدارة السجون على لسان مدير سجن عسقلان نيتها اغتيال جرادات». وفي وقت لاحق، نقلت مصادر فلسطينية أن إدارة سجن النقب وعدت بالرد في موضوع مرض جرادات وعزله الخميس المقبل.
في السياق نفسه، يواصل الأسير الصحفي محمد القيق (35 عاماً) من مدينة رام الله معركة الإضراب عن الطعام لليوم الرابع على التوالي، احتجاجاً على إعادة اعتقاله، علماً بأنه أمضى عدة أعوام في اعتقالات سابقة، وأفرج عنه في 21 مايو الماضي بعد إضرابه لمدة 94 يوماً متواصلة، احتجاجاً على اعتقاله الإداري.
(الأخبار)