غزة | رغم محاولات الحكومة السابقة في غزة، التابعة لحركة «حماس»، تشتيت الاحتجاج الشعبي على الانقطاع المتزايد للتيار الكهربائي وانخفاض وقت وصله إلى جدول الساعات الثلاث، فإن ذلك لم يمنع خروج مظاهرة حاشدة في مخيم جباليا، المعروف بكثافته السكانية.
وكان من وسائل التشتيت محاولة تنظيم مسيرات مقابلة حملت شعاراً يتعلق بالحملة التي قادتها فعاليات إعلامية إسرائيلية وأخرى تابعة للسلطة الفلسطينية عبر التلفزيون الرسمي (راجع العدد ٣٠٧٦ في ١١ كانون الثاني)، وأيضاً إرسال استدعاءات إلى الداعين إلى الاحتجاج.
منذ أيام، لم تبشّر حملة الاعتقالات التي طاولت عدداً من منظمي حراك الكهرباء الحماهيري في مخيم جباليا شمال غزة بأن الحدث سيتم من دون احتكاك مع الأجهزة الأمنية، كما لم يتوقع القائمون على المسيرة أن يتجاوز عدد المشاركين فيها بضع مئات، لكن الحضور كان مفاجئاً، واحشد قرابة عشرة آلاف مواطن من سكان جباليا في منطقة «الترنس»، وهي النقطة التي تعد عاصمة المخيم، الأكثر اكتظاظا من بين مخيمات قطاع غزة الثمانية.
ومع أن الحشد الشعبي كان محاطاً بالعشرات من سيارات ورجال الشرطة ولم تشهد بدايته أي مناوشات أو احتكاك، فضلاً على أن الشعارات التي رددها المشاركون خلت من أي ألفاظ تحريضية وانحصرت في المطالبة بالحقوق المفقودة ومنها الكهرباء وإنهاء الانقسام، جاءت نقطة التحول من السلمية إلى العنف بعدما جالت المسيرة شارع المخيم الرئيسي، وعزم المشاركون على التوجه إلى مقر شركة الكهرباء قرب مدينة الشيخ زايد.
في تلك اللحظات، تمركزت قوة كبيرة من عناصر الشرطة لمنع المشاركين من الوصول إلى مبني الشركة، ثم ألقى أحد المشاركين حجراً واحداً على جيب للشرطة، فاستغل عناصر الأمن الحدث وبدؤوا الاعتداء على المشاركين بالهراوات، وأطلقوا الرصاص في الهواء لوضع حد للتجمهر، لتبدأ بعدها مواجهات كر وفر وتراشق بالحجارة استمرت لساعات متأخرة من مساء أمس.

سبق المظاهرات عدد من الاستدعاءات واعتقال أحد
منظمي المسيرة

تواصل مراسل «الأخبار» مع أحد منظمي الحراك، الذي أكد أن التضييق بدأ منذ الصباح الباكر على المنظمين، مضيفاً، باشتراط إخفاء اسمه خوفاً من الاستدعاء، أن الشرطة استغلت إلقاء حجر واحد عليها كذريعة للرد بعنف وتفريق المتظاهرين.
وكانت قوة من جهاز «الأمن الداخلي» قد اعتقلت في وقت مبكر من صباح أمس الشاب حسن العمري، وهو أحد منظمي الحراك المحتج على انقطاع الكهرباء، وأرسلت عددا من الاستدعاءات إلى آخرين.
ووفق مصادر طبية، أدت المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين إلى إصابة خمسة عشرة شخصاً جراء التدافع والضرب بالعصي في حصيلة أولية، فيما تزايدت أعداد الإصابات خلال المواجهات خلال ساعات التراشق، إضافة إلى الاعتداء على مصور «الوكالة الفرنسية» في غزة محمد البابا خلال التغطية.
في المقابل، صرح المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة، إياد البزم، لموقع محلي، بالقول إن التظاهرة التي خرجت في جباليا سارت بصورة اعتيادية حتى وصولها إلى مقر شركة توزيع الكهرباء في مشروع بيت لاهيا.
واتهم البزم عدداً من المواطنين بمحاولة إثارة أعمال الشغب وإلقاء الحجارة على مقر الشركة، وهو ما «دفع الشرطة للتدخل من أجل حماية مقر شركة الكهرباء والممتلكات العامة... المواطنون غادروا المكان وعاد الهدوء عاد إلى الشارع، ولا إصابات في المكان جراء تفريق الشرطة التظاهرة».