هل تستعد إسرائيل لتدخل ما في جنوب سوريا، من بوابة ما تسميه «المجازر المنتظرة في البلدات الدرزية»؟ ام أنها تعمد الى تخويف الدروز السوريين وتضخيم التهديدات، لدفعهم لاتخاذ خيارات تصب في مصلحتها الامنية والسياسية؟الواضح أن تل أبيب تتحدث عن الشيء ونقيضه، وفي الوقت الذي ترجح فيه «الاجتياحات والمجازر»، تؤكد أنّها لن تتدخل عسكرياً، كما تؤكد انها لن تسمح بحصول «المجازر».

وأمس، دخل الرئيس الاسرائيلي، رؤفين ريفلين، على خط التصريحات المحذرة من التهديد الماثل امام دروز سوريا، وكانت مناسبة تصريحه لافتة، في حضور رئيس أركان القوات الأميركية المشتركة، الجنرال مارتن ديمبسي، الذي يزور إسرائيل حالياً. وقال ريفلين إنّ إسرائيل تتابع عن كثب تطورات الاحداث في المنطقة، محذراً من أنّ نحو خمسمئة الف درزي، قريبين جداً من الحدود معنا ولهم اقارب في إسرائيل، يتعرضون للتهديد هناك.
وتكفل الاعلام العبري أمس بتوضيح ما ورد على لسان الرئيس الاسرائيلي، عبر تقارير بثتها قنوات التلفزة ووردت في الاعلام المكتوب امس، رمت كما يبدو الى اثارة الهلع في اوساط الدروز ودفعهم الى خيارات تصب في المصلحة الاسرائيلية، ليس اقلها مد اليد للتعاون مع الاحتلال.

عمدت تل أبيب
إلى طرح مسألة السويداء مع مارتن ديمبسي

وبدأت القناة الاولى العبرية نشرتها الاخبارية المركزية، بعرض مكالمة هاتفية قالت انها اجريت مع احد «امراء» تنظيم «داعش»، توعّد فيه سكان السويداء السورية بالاجتياح الوشيك. وبحسب «الامير الداعشي»، فإن الالاف من عناصره جاهزون للتحرك فور صدور الاوامر، ليس فقط باتجاه السويداء، بل باتجاه كل المنطقة أيضا، وصولاً الى الحدود وما بعدها، وايضاً باتجاه إسرائيل.
القناة الثانية العبرية قاربت المسألة بصورة مغايرة لوسائل الاعلام العبرية الاخرى، وعملت على توظيف خلافات ماضية بين البلدات السورية في منطقة السويداء في زيادة منسوب الخشية مما سمته المجازر المقبلة. وقال مراسلها للشؤون العربية إنّ «ما يجري لا يتعلق فقط بتهديد داعش والفصائل المتمردة الاخرى لجبل الدروز، بل ايضا قبائل بدوية صغيرة تسكن البادية السورية، ولديها خلاف تاريخي وثارات مع الدروز في الجبل، انضمت (القبائل) اخيراً الى تنظيم الدولة الاسلامية».
وبحسب القناة، لا يخفي زعماء من الطائفة الدرزية في اسرائيل خشيتهم من مآلات الامور، وقد اجروا في الاسابيع الاخيرة سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولين امنيين وسياسيين اسرائيليين، اعربوا فيها عن الخشية والقلق من «مجازر» قد ترتكب بحق الدروز في سوريا، واشارت القناة الى ان هذه الاجتماعات خصصت تحديداً لبحث السبل الكفيلة بتأمين الحماية لجبل الدروز.
من جهته، اشار موقع «واللا» العبري الى ان إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تنشغل في مناقشة تهديد المتطرفين للبلدات الدرزية في سوريا. واضاف ان التقديرات السائدة في تل ابيب تؤكد أنّ اسرائيل لن تقف مكتوفة الايدي اذا هاجم المتطرفون الدروز السوريين، وان المؤسسة الامنية تبحث في الخيارات المتاحة، وعمدت الى طرح هذه المسألة مع الولايات المتحدة، وتحديداً في جلسات خاصة مع رئيس الجيوش الاميركية مارتن ديمبسي.
مع ذلك، كان الجيش الاسرائيلي قد اكد على لسان كبار مسؤوليه العسكريين، انه لن يسمح لسكان البلدات الدرزية باجتياز الحدود في الجولان، في تأكيد على التقديرات المتداولة في الاعلام العبري عن «اجتياح البلدات»، كما انه تأكيد ايضاً على انه لن يعمل على منعها، اذ سلّم مصدر عسكري رفيع بما قد يحصل، وقال ان اسرائيل ستكتفي بتجميع الهاربين من المجازر في مناطق قريبة من الحدود، اذا تعرضت هذه البلدات «لاجتياح» العناصر المتطرفين في سوريا.