صنعاء | قبل يومين من انطلاق مؤتمر جنيف الذي سيحتضن مفاوضات يمنية للمرة الأولى منذ بدء العدوان، لا يزال وفد من حركة «أنصار الله» في العاصمة الروسية يجري مشاورات قد تنعكس على مجريات المؤتمر الذي تقلّص التعويل على نتائجه في ظلّ تمسك الرياض بخيار الحرب الذي جددت واشنطن دعمه قبل يومين. ولا تزال المشاورات حول التمثيل بين القوى السياسية التي ستشارك في جنيف متواصلة، حيث لم يتسلم «أنصار الله» إيضاحات من الأمم المتحدة بشأن الترتيبات اللازمة لإجراء هذا المؤتمر، بحسب المتحدث باسم الحركة محمد عبد السلام.

في هذا الوقت، وقبيل الانهماك بمآلات الحوار المرتقب في 14 من الشهر الحالي، من المفيد العودة سريعاً إلى دور الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي في تسعير الأزمة اليمنية التي مهدت إلى اندلاع العدوان. في هذا المجال، كشف أحد الوسطاء السابقين بين زعيم «أنصار الله» عبد الملك الحوثي وهادي خلال الفترة التي تلت «ثورة 21 سبتمبر» من العام الماضي، تاريخ دخول «أنصار الله» إلى صنعاء، عن حقيقة موقف الحركة من الحكومة اليمنية ومن ملف العلاقات اليمنية ـ السعودية، نافياً ما قاله هادي عن «أنصار الله» في حواره التلفزيوني الأخير، وكاشفاً للمرة الأولى عن تفاصيل ما دار بين هادي وبين الحوثي أثناء فترة التفاوض بوساطته. وقال الوسيط في حديث لـ«الأخبار»، إنه نقل بنفسه إلى هادي رسالة خطية من الحوثي متعلقة بالسعودية.
ادعى هادي أن الحوثي كان يريد نقل التجربة الإيرانية إلى اليمن

وكان هادي قد هاجم، في حوار أجرته معه قناة «العربية» قبل يومين الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح، مشيراً إلى أحاديث دارت بينه وبين الحوثي بشأن العلاقات مع السعودية. وادعى هادي أن الحوثي كان «يريد نقل التجربة الإيرانية إلى اليمن». وبرر هادي العدوان بأنه «قطع الطريق أمام تسليم اليمن لإيران». الوسيط اليمني أماط اللثام عما تضمنته رسالة الحوثي التي أشار إليها هادي، قائلاً: «السيّد (عبد الملك الحوثي) قال لهادي في الرسالة نحن نريد دولة مدنية وأنت الرئيس ويجب أن يمر كل شي عبرك... ويجب أن يفهم الإخوة في المملكة أنهم أشقاؤنا وإخواننا»، مكذباً بذلك ادعاءات هادي المذكورة سابقاً.
ويضيف الوسيط: «عندما كلمت هادي قال لي إنه كلم الملك عبد الله (آنذاك) في آخر لقاء عن هذا الموضوع، وقال إن هناك خط وساطة بينه وبين الحوثيين»، وهو ما نفاه الحوثي في حينه بحسب الوسيط. ويضيف أن الحوثي ردّ على كلام هادي، مؤكداً أنه لم يقبل أي وساطة من أي شخص بهذا الشأن، ومضيفاً أنه «قد يكون هناك من يزايد على الملك من تجار السياسة، وما يراه الرئيس في هذا الملف نحن معه فيه»، في إشارة إلى ملف العلاقات السعودية اليمنية وهو ما يدل على تمسك الحوثي بإيجابيته إزاء المملكة حتى اللحظة الأخيرة.
وفيما رأى هادي أن إشراك «أنصار الله» في الحوار الوطني كان «خطأً»، محملاً المسؤولية في ذلك للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا باعتبارهم «ضغطوا» عليه للقبول بإشراك الحركة، يؤكد الوسيط أنه بحث مع هادي في مسألة الحوار، «لكنه بعدما عاد من زيارة للسعودية تغيّر موقفه مئة وثمانين درجة»، مضيفاً أن «العهد الذي قطعه أمامي بالتعاون مع أنصار الله بصدق ووفاء في بناء الدولة لم يكترث له قط»، بحسب قول الوسيط الذي لفت إلى استغرابه في حينه مع وسطاء آخرين موقف هادي المستجد ورفضه حضور اللقاء الذي اتُّفق عليه قبل سفره إلى الرياض.
من جهةٍ أخرى، وتعليقاً على حديث وزير الخارجية بالوكالة، رياض ياسين، بشأن بحث مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي سيعقد اليوم في جدة، مقترحاً يمنياً لتشكيل قوة مراقبة إسلامية تعمل على تثبيت أي هدنة محتملة، قال مصدر رفيع في صنعاء إن هذا الحديث «ليس جديداً»، مشيراً إلى أن هدف السعودية كان منذ بداية العدوان إدخال قوات برية تعيد ما سمّي «شرعية هادي». وأكد في السياق أن «ما فشل العدوان في تحقيقه لن يتحقق تحت أي لافتة».
على الصعيد الميداني، لا تزال القوات اليمنية تحقق تقدماً باتجاه الأراضي السعودية حيث تتوالى عمليات الاقتحام لمواقع عسكرية سعودية من قبل الجيش اليمني. وفي وقتٍ يلجأ فيه العدوان السعودي للرد عبر القصف الجوي والمدفعي على مناطق حدودية ومدن يمنية، تحدثت مصادر سعودية معارضة عن مقتل قائد القوات الجوية الملكية السعودية، محمد الشعلان، في القصف الذي تعرضت له قاعدة خالد بن عبد العزيز الجوية في خميس مشيط بصاروخ سكود من قبل الجيش اليمني قبل أيام. وشهد يوم أمس، قصف صاروخي ومدفعي سعودي لمناطق حدودية مثل المزرق وجبل النار والملاحيظ وغيرها، كذلك استهدف طيران العدوان محطة الكهرباء في خور مكسر في عدن.