انتقدت صحف جزائرية، أمس، نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، بعد نشر رسالة تهنئة وجهها للأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم، عمار سعداني، لمناسبة إعادة انتخابه قبل نحو عشرة أيام.وتحدثت صحيفة "الوطن" عن "خرق الدستور" و"انحراف" الفريق قايد صالح، متهمة إياه بـ"عدم احترام مبدأ حياد الجيش" الذي انسحب رسميا من ممارسة السياسة منذ عام 1989 لكن المؤسسة العسكرية ظلت فاعلاً أساسياً في اختيار رئيس الدولة.

وجاء في الرسالة لرئيس الأركان، التي نشرتها صحيفة "لوسوار دالجيري" أن حزب "جبهة التحرير الوطني" الذي حكم البلاد وحده بين 1962 و1989، "يبقى القوة السياسية الاولى في البلاد... قوة توازن همها الدائم خدمة المصالح العليا للأمة".
وتوقعت صحيفة "الوطن" بأن "هذا الانحياز المفاجئ والمقلق سيتسبب بلا أدنى شك في انقسام يهدد المجتمع حول الجيش الوطني الذي لا يفترض أن يكون في خدمة حزب أو زمرة في السلطة"، محذرة من حدوث "شرخ" داخل القوات المسلحة.
ولاحظت صحيفة "ليبرتيه" أن "طبيعة هذا التدخل للمؤسسة العسكرية في السياسة غير مسبوق لأنه ليس من تقاليدها التعليق على نتائج مؤتمرات الاحزاب". ورأت الصحيفة أنه بعد هذا الانحياز، فإن حزب "جبهة التحرير" "لم يعد حزبا كبقية الأحزاب بما ان له علاقة متميزة مع المؤسسة العسكرية".
وأشارت صحيفة "لو كوتيديان دوران" الى انه برسالة التهنئة "التي لا لبس فيها" فإن رئيس اركان الجيش، المدافع القوي عن الرئيس عبد العزبز بوتفليقة، يعلن "دعمه لعمار سعداني رئيس اركان الجيش المثير للجدل كأمين عام لجبهة التحرير". وبحسب الصحيفة فإنّ "سيطرة سعداني وحلفائه على الحزب (الحاكم) ما هي إلا حلقة من سيناريو لخلافة بوتفليقة كما أراده محيط الرئيس، الذي قدم فيه الجيش بقيادة قايد صالح صكا على بياض".
وكان حزب "جبهة التحرير الوطني" قد عقد قبل نحو أسبوعين مؤتمره العاشر، زكى فيه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع رئيساً للحزب، كما ثبّت سعداني في منصب الأمين العام.

...وأطراف سياسية ترفض

وأثارت الرسالة (الجزائر ــ آدم الصابري) التي بعث بها الفريق أحمد قايد صالح ردود فعل الطبقة السياسية المعارضة، التي عدّتها "سابقة سياسية".
ودعا وزير الإعلام السابق رئيس حزب "الحرية والعدالة"، محمد السعيد، قيادة المؤسسة العسكرية للبقاء فوق الأحزاب السياسية بعيداً عن الخلافات الظرفية، والالتزام باحترام المهام الدستورية. وأكد أن هذا السلوك "غير المعهود" لقيادة أركان الجيش يتعارض تماما مع احدى مهمات الجيش الواردة في الرسالة نفسها، وهي حماية استقرار الأمة.
وقال حزب "الحرية والعدالة"، في بيان، إن "إقحام الجيش في الجدل الداخلي لحزب ما، أو في لعبة الباحثين داخل السلطة وفي محيطها المباشر عن المتوقع لما بعد العهدة الرئاسية الرابعة، يترك في كل الأحوال أثرا سلبيا على تعزيز التلاحم الوطني المطلوب لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية"، مؤكدا أن "هذا الاقحام يزيد الوضع العام تعقيدا".
من جهة اخرى، رأى الأمين العام لـ"حركة النهضة" الجزائرية، محمد ذويبي، في اتصال مع "الأخبار" أنّ "السلطة تعيش فراغا سياسيا رهيبا وعزلة كبيرة". وقال "انتقلنا من مرحلة الحزب الواحد الى زمن الشخص الواحد"، مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها المؤسسة العسكرية لإنقاذ الحزب الحاكم، مذكرا بما حدث في 2012 وخلص الى ان هذا السلوك أساء إلى المؤسسة العسكرية، بما لا يخدم الجزائر.
وفي السياق نفسه، أبرز رئيس حزب "جيل جديد"، جيلالي سفيان، أن "السلطة الحاكمة بدأت تحضر نفسها للانتخابات المقبلة في عملية انقلابية ضد الدولة، ليبقى الحزب الواحد وزمرة الرئيس تتحكم في السلطة"، مشيراً في تصريح لـ"الأخبار"، إلى أن "هذه الرسائل تؤكد أنه لا انتخابات حرة ونزيهة، ولا احترام لسيادة الشعب".
أما رئيس "جبهة العدالة والتنمية الإسلامية"، عبدالله جاب الله، فرأى أنه "لا غرابة في صدور مثل هذه الرسائل لأن حزب جبهة التحرير الوطني جهاز الدولة منذ الأمس، فهي عرابة السياسة والعاملة على تبييض ممارسات النظام"، موضحاً أن "هذا السلوك من سلوكيات النظام الواحد، وهو متعارض مع النظام السياسي التعددي الذي كرسه الدستور".
(الأخبار، أ ف ب)