مع انتهاء الأسبوع الثالث، لعمليات استعادة محافظة نينوى من تنظيم "داعش"، تزداد الأمور تعقيداً على المستوى الميداني، والإنساني، والسياسي، في وقتٍ تواصل فيه القوات العراقية، بمختلف أطيافها، عملياتها العسكرية، مسيطرةً على 6 أحياء جنوب شرقي الموصل، ومقتربةً من مدينة تلعفر.وتفيد مصادر غرفة عمليات القيارة بأن "التقدّم الذي حُقق في الأحياء الموصلية الجنوبية الشرقية، لم يكن إلا من ست ثغر فقط"، في وقتٍ "يستميت" فيه مسلحو التنظيم في قتالهم على الجبهة الجنوبية للمدينة، أي في منطقة حمام العليل، التي وصلت القوات العراقية إلى مشارفها في اليومين الماضيين.
وتلفت المصادر إلى أن كلمة زعيم تنظيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، الأخيرة، جاءت بمثابة فتوى، توجب على المسلحين الثبات في أحياء المدينة الـ65، في الساحلين (الأيسر والأيمن)، ما يُشير إلى أن المعركة دخلت في نفق استنزاف طويل الأمد. الأمر الذي يؤكده مصدر مطلع، بالقول إنّ المعركة "سوف تستمر لأسابيع، إن لم نقل لأشهر".
من جهة أخرى، تبدو بغداد أمام معضلة لا مهرب منها، تتمثل بالنزوح السكّاني من المدينة، وخاصة أنّ "القوى الكردية في غرفة عمليات أربيل حصرت تعاونها مع بغداد في الشقّ العسكري ــ الميداني، ورفضت أي تعاون مع حكومة العبادي في ما يتعلق بالجانب الإنساني"، وفق معلومات حصلت عليها "الأخبار".
وتؤكّد المعلومات المتوافرة أنّ "توتراً ساد في اليومين الماضيين بين بغداد وأربيل، إثر رفض الأخيرة استقبال 500 عائلة نازحة من ساحل الموصل الأيسر، لعدم القدرة على احتواء المزيد من النازحين". وفي السياق، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة (اليونيسيف) أن عدد النازحين منذ بدء العمليات العسكرية بلغ 20700 نسمة، بينهم 9700 طفل بحاجة ماسة إلى المساعدة. فيما قال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، إن "تنظيم داعش واصل خلال الأيام القليلة الماضية نقل السكان المدنيين في محيط الموصل بالقوّة"، محذراً من "إمكانية استخدامهم دروعا بشرية في معركة تحرير المدينة".
ولا بد أن تفرض التعقيدات الجديدة التي يواجهها رئيس الوزراء العراقي (المتمثلة بخوفه من حجم النزوح السكّاني عن المدينة ورفض أربيل التعاون، إلى جانب القتال المستميت لمسلحي "داعش" على أكثر من جبهة)، تغييراً في الخطط المرسومة، وتعيد خلط أوراق بغداد مجدداً. ووفق مصادر بغداد، فإن القوات العراقية تتجه إلى "الإسراع قدر الإمكان في الوصول إلى الأحياء الموصلية الشرقية، والجنوبية الشرقية، والجنوبية، والتثبيت هناك، والقضم البطيء للأحياء".
وحققت القوات العراقية أمس، تقدّماً جديداً في الأحياء الجنوبية الشرقية، إذ أعلنت، "قيادة العمليات المشتركة"، التابعة للجيش العراقي، تحرير أحياء الملايين، والسماح، والخضراء، وكركوكلي، والقدس، والكرامة، في شرق المدينة. فيما أكّد الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، أن "قواته على مشارف حي الزهراء شمال شرقي الموصل".
وواجهت القوات أثناء تقدّمها "مقاومة شرسة" من مسلحي "داعش"، إذ لفت أحد ضباط "مكافحة الإرهاب"، المقدم منتظر سالم، في حديث إلى وكالة "فرانس برس"، إلى أن قواته "تقدّمت إلى حي الكرامة، حيث واجهت إطلاق نارٍ كثيفا من مقاتلي التنظيم"، وسط تصاعدٍ لأعمدة الدخان بعدما أشعل المسلحون الإطارات، في تكتيكٍ يتبعه التنظيم لحجب رؤية طائرات سلاح الجو أثناء توفير الغطاء الجوّي للقوى العراقية الرسمية.
أما "الحشد الشعبي"، فقد واصل تقدّمه في منطقة مسؤوليته، جنوب غربي المدينة باتجاه مدينة تلعفر، حيث بلغت المساحة المحرّرة، بحسب "مديرية الإعلام الحربي"، ألفي كلم مربع، معلناً بذلك "انتهاء الصفحة الأولى لعمليات غرب الموصل". ونقلت "المديرية"، عن أبرز قادة "الحشد"، أبو مهدي المهندس، قوله إن "الساعات الـ48 المقبلة ستشهد انتهاء الصفحة الثانية، من عمليات تحرير غرب الموصل التي يتولى مهمتها الحشد الشعبي، والبدء بالصفحة الثالثة من العمليات". وأشار المهندس إلى أن "فصائل الحشد تتقدم على نحو كبير في جميع المحاور، وتحرّر المزيد من الأراضي من سيطرة الدواعش".
من جهةٍ أخرى، أعلنت "قيادة العمليات المشتركة"، صدّها لهجومٍ شنّه مسلّحو "داعش" على قضاء الشرقاط في شمال محافظة صلاح الدين. ورأى المحافظ، صلاح الدين أحمد الجبوري، أن "هجوم داعش على ناحية الشرقاط جاء كرد فعل على العمليات العسكرية الجارية لتحرير مدينة الموصل"، مؤكداً "حسم الموقف من قبل قوات الأمن وجهاز مكافحة الإرهاب والحشد العشائري وأبناء المدينة الرافضين للفكر الإرهابي".
(الأخبار)