إذا كانت الخطة التي سلمها المبعوث الدولي، إسماعيل ولد الشيخ، إلى وفد صنعاء (حزب «المؤتمر الشعبي العام» وحركة «أنصار الله»)، في أثناء زيارته الأخيرة لصنعاء، فيها إشارات تراجع السعودية وفريق الرياض، فإن مصادر يمنية متابعة أبدت خشيتها من تغليف التراجع السعودي بخطة أخرى، لا تقل خطورة عن الحرب من خلال فرض مشروع الأقاليم الستة الذي جرى إمراره من دون موافقة «أنصار الله» في مخرجات الحوار الوطني عام 2014. وقد قدمت نصائح متعددة للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي حينها عن أن فرض مشروع الأقاليم الستة بخريطته الحالية هو تأسيس لحرب مقبلة في اليمن، بحسب ما أفاد أحد الرؤساء اليمنيين السابقين «الأخبار»، غير أن هادي أصرّ على إمرار المشروع الذي لم يناقش بالأصل مع القوى اليمنية وقبلت به العديد من هذه القوى تحت تأثير الضغط والخداع.وقد علمت «الأخبار» بأن مشاورات تجري في الجانب اليمني الموالي للسعودية وعلى مستوى عالٍ وبالتنسيق مع الأخيرة، من أجل ترتيب وضعية بعض الأقاليم التي تخضع لسيطرة الفريق الموالي للرياض أو سيطرة جزئية عليها، كما يجري العمل على أحداث هيكليات إدارية لهذه الأقاليم، ومن الأسماء المقترحة: أحمد بن سالم ربيع علي رئيس لإقليم عدن الذي يضم بالإضافة إلى عدن أبين، لحج، الضالع.
يعرف ولد الشيخ أنه لم يعد مقبولاً وغير مرحب به في صنعاء

أما أحمد سعيد بن بريك، محافظ حضرموت الحالي، فسيرأس إقليم حضرموت الذي يضم بالإضافة إلى حضرموت شبوة والمهرة، وإن كانت الأخيرة تمانع ممانعة شديدة وتطالب بإقليم مستقل. فيما يُعيّن سلطان العرادة محافظ مأرب الحالي المحسوب على «الإخوان المسلمين»، على رأس «إقليم سبأ» الذي يضمّ مأرب، الجوف، والبيضاء.
قدم الموفد الأممي اليمني المشكوك في حياديته إسماعيل ولد الشيخ، مقترحاً لوقف الحرب على اليمن، وهذه هي المرة الأولى الذي يقدم فيها ولد الشيخ مقترحاً مكتوباً، وجرت العادة في التمهيد للجولات التفاوضية السابقة تقديمه «وعود والتزامات» شفهية سرعان ما كان يتملص منها بذرائع مختلفة ومتعددة، أو يلقي اللوم على عدم موافقة الطرف الآخر عليها. وإن كان الهدف من المفاوضات السابقة هو استدراج وفد صنعاء للتفاوض، الذي يعتبر بالأصل المفاوضات أحد بنود استراتيجية بلاده، وحقيقة الأمر، أن عمليات التفاوض والحوار التي عقدت في سويسرا والكويت أجريت لممارسة الضغوط أو الإغراء، إذ تبين لاحقاً أن المقترحات المقدمة أقل ما يقال فيها استسلام اليمن ووضعه تحت الوصاية السعودية مجدداً، وعندما فشل الإغراء «الخليجي والدولي» انتقل الطرف الأممي، ومن خلفه الولايات المتحدة إلى التهديد، ولا سيما بالورقة الاقتصادية التي بدأوا بتنفيذها مباشرة بعد انتهاء المفاوضات من خلال نقل البنك المركزي إلى عدن.
يعرف ولد الشيخ أنه لم يعد مقبولاً وغير مرحب به في صنعاء وأن دوره اصبح مكشوفاً وأوراقه محترقة بالكامل، لدرجة أن السعودية اضطرت أمام فداحة مجزرة الصالة الكبرى في صنعاء إلى الاعتراف بجريمتها، إلا أنه يصر على تجهيل الفاعل وعدم تسميته، بل ذهب لشدة تماهيه مع السعودية إلى إلقاء اللوم على عائلات شهداء المجزرة وجرحاها لتفويتهم فرصة عدم موافقة العوائل لنقل أبنائهم الجرحى للعلاج في المملكة. جاء ذلك عند استقباله وفد يمثل عائلات شهداء المجزرة وجرحاها في أثناء زيارته صنعاء.
لم يعد خافياً على أحد أن ولد الشيخ يمثل المنظومة الدولية والإقليمية التي تخوض الحرب على اليمن، وعلى رأس هذه المنظومة الولايات المتحدة. وقد أصبح الإعلام الغربي والأميركي يتحدث بكل وضوح عن مشاركة بلادهم إلى جانب السعودية وبعض دول الخليج في هذه الحرب. وهذا ما كشفه قبل يومين المساعد الخاص للرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغن، دوغ باندو، انضمام إدارة أوباما إلى التحالف الذي تقوده السعودية في هذه الحرب من دون موافقة الكونغرس، متهماً بلاده بأنها تلعب دوراً في الحرب الأهلية اليمنية، مقارناً التدخل الأميركي الحالي في اليمن بالمشاركة الأميركية في الحرب الأهلية اللبنانية سابقاً.