بحرفية عالية أخرج من حقيبته بعض التبغ «الفرط» ولفه بورقة خاصة، ثم أشعل سيجارته الجديدة التي باتت قريبة من قلبه لقناعته بأنها أكثر سلامة من الأصناف الجديدة المنتشرة في الأسواق، كما أن سعرها أنسب إلى جيبته.يخبر سيف، وهو مهندس يعمل في إحدى الشركات الخاصة في دمشق، بأنه لم يعد قادراً منذ حوالى السنتين على شراء الدخان المُصنّع بسب ارتفاع سعره، إذ أصبح يحتاج لميزانية كل شهر تصل حالياً لحدود الثلاثين ألف ليرة اذا اختار الأصناف الجيدة. ويتابع بأنه مع بداية ارتفاع أسعار الدخان للماركات المعروفة كالـ«جيتان، وكينت، ومالبورو...» قرر الانتقال إلى الأصناف الجديدة، التي لم تكن معروفة قبل الأزمة، وكان سعرها مقبولاً، لكنه لم يتمكن من استخدامها بسبب رداءة نوعيتها بحسب وصفه، لذا قرر العودة إلى طريقة الأجداد واستخدام الدخان العربي المعروف باسم «الدخان اللف».
يشتري سيف التباغ «الفرط» من الأرياف نظراً لقلة أماكن بيعه داخل دمشق. وبات يملك علاقات واسعة تمكّنه من الحصول على هذا النوع من التبغ في أي وقت يريده، ومن أي محافظة بالاستعانة بالأصدقاء المسافرين، أو عبر شركات النقل المحلية.

مرفوض اجتماعياً

مع الأيام أصبح سيف خبيراً في لفّ السجائر، ولكنه يفضل القيام بهذه المهمة في منزله، فمظهر الشخص الذي يلفّ السجائر غير مقبول اجتماعياً، وخاصة في أماكن العمل وحتى في المطاعم.
يؤيد أحمد المرعي كلام سيف وهو زميل له في العمل، موضحاً أنه تمكن من تحقيق وفر كبير بعد استخدامه لهذا النوع من الدخان، فهو يشتري الكيلوغرام الواحد منه بسعر 3500 ليرة من فلاحين في طرطوس أو اللاذقية، ويبقى معه لحوالى الشهرين حتى ينتهي، فيما سعر العلبة التي كان يدخنها يصل لحوالى الخمسمئة ليرة، وكانت تكفيه ليوم واحد فقط.
ويشرح أحمد أن الدخان العربي له عدة أنواع في السوق المحلية تختلف من حيث الجودة والأسعار، ويبلغ سعر أفضلها حوالى الـ4500 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد.
بدوره قرر وسام حيدر، شراء آلة صغيرة تعرف باسم «اللفافة»، لتجاوز إحراج اللف أمام الناس وصعوبة هذه المهمة يدوياً.
وعن سبب اعتماده هذا النوع من التدخين أكد أن السوق اليوم مليء بالأصناف الجديدة غير المعروفة، وسعر هذه الأصناف رخيص نسبياً بحدود المئتي ليرة سورية، أي أقل من نصف دولار، وهذا بحد ذاته يثير التساؤل عن مصدرها ومحتوياتها.

التبغ غير نظيف

يرفض أحد تجار بيع الدخان في حي ساروجة الفكرة المتداولة بأن التبغ «الفرط» أنظف من المعلّب، موضحاً أنه في كثير من الأحيان يُباع مخلوطا مع الأعشاب والحشائش، وبالتالي قد تكون ضارة في الصحة أكثر من النوعيات الجديدة التي يتخوف منها البعض.
ويرى أنّ أسعار الدخان ما زالت مقبولة بالنسبة للوطني وتلك الجديدة ذات الأسماء غير المشهورة، فالمنتج المحلي يراوح سعره ما بين 100 إلى 150 ليرة، أما الأجنبي من المستوى المتوسط، فيراوح سعره ما بين 150 إلى 250 ليرة، وطبعاً يرتفع السعر مع النوعيات الأجنبية الجيدة.
يرى هذا التاجر أن حركة البيع بعد الأزمة لم تتراجع بسبب ظهور الأنواع الجديدة الرخيصة. وعن مصدر هذه الأصناف يؤكد أن غالبيتها تأتي من دبي وبعضها من العراق، ويجري استيرادها عن طريق شركات خاصة، لا عن طريق المؤسسة العامة للتبغ التي كانت مسؤولة عن الاستيراد قبل فرض العقوبات على سوريا.
وبالنسبة للدخان الفرط، يوضح أنه يُباع في أماكن محددة، لا في المحلات المرخصة لأن مؤسسة التبغ تمنع بيعه، وتسمح ببيع صنف واحد تتولى هي تغليفه واسمه «الحموي ممتاز»، ويأتي على شكل ظروف سعرها تقريباً 100 ليرة، ووزنها 40 غراماً.