بغداد | في الوقت الذي تحقق فيه القوات العراقية المشتركة و«الحشد الشعبي» تقدماً كبيراً في محافظة صلاح الدين لتحرير ما تبقى من مدنها ومناطقها الخاضعة لسيطرة تنظيم «داعش» وأبرزها مدينة بيجي التي تضم أكبر مصفاة للنفط في البلاد، يكتنف الغموض العمليات العسكرية في محافظة الأنبار وتحديداً مدينة الرمادي بعد أيام من بدء عملية عسكرية واسعة لتحرير المدينة، فيما تزداد التحذيرات من كارثة انسانية وبيئية بعد مرور ثلاثة أيام على إغلاق «داعش» لسد الرمادي.
وعمد عناصر «داعش» الثلاثاء الماضي إلى إغلاق بوابات سد الرمادي في محاولة منهم للضغط على مدينتي الحبانية والخالدية (شرق الرمادي) اللتين بقيتا عصيتين على «داعش» منذ احتلاله لمدينة الرمادي وتعدان اليوم مركزاً لقيادة وانطلاقة القوات العراقية و«الحشد الشعبي».
مسؤول محلي في محافظة الأنبار كشف لـ«الأخبار» عن دراسة قيادة العمليات المشتركة وقيادة عمليات الأنبار مقترحاً لقصف السد أو القيام بعملية العسكرية في حال استمرار «داعش» بإغلاقه، مؤكداً أنه «يجري حالياً وضع خطة للقصف بشكل لا يؤدي إلى حدوث أضرار كبيرة بالسد وتحقيق المبتغى من وراء القصف وهو فتح البوابات».
يُدرس مقترح لقصف
سد الرمادي أو تنفيذ عملية عسكرية لو استمر إغلاقه

وتعد المياه سلاحا تكتيكيا هاما لجأ إليه «داعش» خلال معاركه الأخيرة باستمرار، وقد استخدمها في مناطق حمرين والصدور في ديالى والزاب بالقرب من الحويجة وفي الفلوجة والرمادي، فضلاً عن محاولاته المستمرة للسيطرة على سد الموصل وسد حديثة.
وأظهرت صور بثتها وسائل اعلام محلية، أمس، جانباً من نهر الفرات لدى مروره في مدينتي الخالدية والحبانية في محافظة الأنبار، وقد بدا عليه الانخفاض الكبير في منسوب روافد مياهه نتيجة الاستمرار بإغلاق السد، ما دفع برئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت إلى التحذير من كارثة إنسانية في محافظته ومحافظات جنوب العراق نتيجة إغلاق السد.
وطالب كرحوت في حديث لـ«الأخبار» رئيس الحكومة حيدر العبادي بالإسراع في وتيرة عمليات التحرير واستعادة السدة لتأمين وصول المياه لمناطق المحافظة والمحافظات الجنوبية.
في موازة ذلك، يكتنف الغموض العمليات العسكرية في الأنبار التي باتت شبه متوقفة برياً ما خلا الغارات التي يشنها الطيران العراقي والتحالف مستهدفاً أوكار وتجمعات لـ«داعش» أدت إلى مقتل قيادات بارزة خلال الأيام القليلة المقبلة.
مصدر في قيادة العمليات المشتركة كشف لـ«الأخبار»، أمس، عن مقتل ستة من كبار قيادات «داعش» وذلك خلال عملية نوعية للطيران الحربي العراقي استهدف مراكز وتجمعات للتنظيم في مناطق متفرقة من مدينة الرمادي.
من جانبه، أعلن المتحدث بإسم وزارة الداخلية، العميد سعد معن، عن مقتل 40 عنصراً من «داعش» بينهم قياديون عرب وأجانب بضربة جوية استهدف ما يسمى مقر «الحسبة» في الرمادي. معن كشف في حديث لـ«الأخبار» أن أبرز الذين قضوا في هذه العملية هم: القيادي البارز أبو إبراهيم الكويتي الذي قدم من سوريا إلى القائم لتنسيق مواضيع تخص تنظيم خراسان، وأمير مفرزة الأمنيين وأبو مشاري السلماني وهو أمير مفرزة الأمنيين في ما يسمى بالحسبة، ومسؤول حماية مقر الحسبة مروان الراوي، ومسؤول مفارز الحسبة في مدينة القائم الحدودية مع سوريا أبو حمزة الكبيسي.
فيما أبلغ مصدر في قيادة عمليات الأنبار تمكن القوات الأمنية من قطع امدادات «داعش» في مدينة الفلوجة بعد سيطرتهم على جسر الشيحة الاستراتيجي في ناحية الصقلاوية شمال الفلوجة، حيث كان يستخدمه عناصر التنظيم لإيصال الامدادات إلى عناصره في مدنية الفلوجة.
وفي السياق، رأى عضو مجلس محافظة الأنبار، راجع العيساوي، أن عملية تطهير مدينة الرمادي بحاجة إلى وقت أطول حتى يتم الشروع بخطة أمنية مدروسة ومحكمة تضمن نجاحها بكافة الجوانب. وأشار العيساوي في تصريح لـ«الأخبار» إلى ضرورة المحافظة على الانتصارات التي تحققت في أطراف مدينة الرمادي واستغلال حالة الانكسار والهزيمة التي تمر بها عناصر «داعش».
أما على صعيد الجبهة الشمالية، فقد أعلن المتحدث العسكري باسم قوات «الحشد الشعبي»، كريم النوري عن تحرير 8000 كم بين المناطق الجنوبية والغربية لصلاح الدين ومحافظة الأنبار شملت مناطق (الكسارات وخط اللاين ومنشأة المثنى)، مؤكداً أن قضية تحرير بيجي قد حسمت بعد بدء تقدم القوات نحو مركز القضاء واستمرار بتحرير وتطهير المزيد من المناطق.
النوري كشف لـ«الأخبار» عن اختراق أجهزة اتصالات «داعش»، مبيناً أنهم يطلبون المزيد من الانتحاريين ولكن دون استجابة «حيث فر الكثير من عناصر التنظيم واستسلموا بعد محاصرتهم وتضييق الخناق عليهم»، لافتاً إلى أن التنظيم أقدم على اعدام وقتل العديد من عناصره بسبب الهروب، إثر قتل قوة من «الحشد» القائد الشيشاني الذي يتولى قيادة عمليات «داعش» في بيجي.
وفي كركوك كشف مصدر محلي هناك عن تفاصيل تفجير الحويجة الذي تضاربت الروايات بشأنه، مؤكداً أن سلاح الجو العراقي قصف فجر الأربعاء بأربعة صواريخ ارتجاجية أكبر معمل لتفخيخ العجلات وصناعة العبوات الناسفة البلاستيكية، مبيناً أن «المعمل عبارة عن مجموعة من مسقفات ومنازل، ويجري فيها تدريع السيارات المفخخة والدبابات والصهاريج وتجهيزها للتفخيخ».
وأوضح المصدر لـ«الأخبار» أن المعمل يقع في الحي الصناعي (جنوبي الحويجة)، وفي الجهة الملاصقة لحي التأميم السكني، ما أدى إلى نسف ثلاثة محال سكنية بالأرض بسبب حجم المواد المتفجرة والمخزنة، التي تقدر بآلاف الأطنان، مؤكداً أن الخسائر البشرية لـ«داعش» قدرت بـ200 مقاتل بينهم عناصر عربية وأجنبية تلاشت جثثهم نتيجة شدة التفجير، فضلا عن وقوع قتلى في صفوف المدنيين، وقد نُقل قسم من الجثث إلى مدينة الموصل وقسم آخر دفن في الحويجة.
فيما قدم، الخبير الأمني والمختص بشؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي رواية مختلفة عن الحادث، حيث بيّن أن المصنع انفجر من الداخل لأسباب غير معروفة، واستمر التفجير لمدة أربع دقائق كان أشبه ما يكون بزلزال أو هزة أرضية عنيفة. وما جعل الهاشمي يذهب إلى تلك الرواية هو انكار «التحالف الدولي» قيامه بالضربة، فضلاً عن عدم صدور بيان من السلطات بتبني العملية.
الهاشمي بيّن في حديث لـ«الأخبار» أن الحصيلة النهائية للتفجير بلغت ٣٢ قتيلاً من «داعش» و٣٥ قتيلاً و١٥٠ جريحا من الأهالي، فضلاً عن إحداث دمار شبه كامل لثلاثة شوارع مع بناياتها.