تبقى إلى حدّ بعيد علاقة حزب "العدالة والتنمية" بجماعة "الإخوان المسلمين" ملتبسة. لكنه كغيره من أحزاب إقليمية تتميز بخلفيتها الإسلامية، تأثر بواقع ضعف "الإخوان" في مصر، وبات يسعى دوماً إلى رفض ربطه بالجماعة، حتى إنّ مسؤوليه ينكرون الارتباط الفكري بها.على سبيل المثال، نفى رئيس المجلس الوطني لحزب "العدالة والتنمية"، سعد الدين العثماني، "أيّ صلة" لحزبه بـ"الإخوان"، وأن يكون لهم أيّ رد فعل على عزل محمد مرسي. وعلى الرغم من تصريحات سابقة لرئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، أكد فيها تأثره بكتاب "معالم في الطريق" لسيد قطب، لكنه درءاً للإشكال السياسي في المغرب، أعلن في مقابلات لاحقة أن حزبه "لا ينتمي إلى مدرسة الإخوان المسلمين".
تعدُّ حركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوية للحزب الإسلامي

وقد تبعت تصريحات بنكيران سياسات قام بها، فالتقى في مدينة شرم الشيخ بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش القمة العربية السادسة والعشرين، ما عرّضه للنقد اللاذع من خصومه السياسيين (مثل جماعة العدل والإحسان) ومن أعضاء في حزبه كانوا قد باشروا حملة ضد الرئيس المصري وشاركوا في مظاهرات ندّدت بما وصفوه "انقلاباً عسكرياً في مصر". وفي الرد، اكتفى بنكيران بالقول إن "الملك محمد السادس هو من يرسم السياسة الخارجية للمملكة، والحكومة تلتزم بها".
لكن طبقاً لمسيرة بنكيران السياسية، فإنه دخل إلى "عالم الإخوان عبر تنظيم الشبيبة الإسلامية"، وفقاً له، وهو تنظيم برز في المغرب في السبعينيات، اختطّ لنفسه خطّ تنظيم "الإخوان المسلمين" في مصر، وتأثر إيديولوجياً به. وبعد انسحاب بنكيران من التنظيم، أسّس برفقة آخرين تنظيم "الجماعة الإسلامية"، وبعدها حركة "الإصلاح والتجديد"، ثم أسّسوا "العدالة والتنمية" في منتصف التسعينيات، فـ"حركة التوحيد والإصلاح"، التي تعدّ راهناً الذراع الدعوية لحزب "العدالة والتنمية".
وتَرى "حركة التوحيد والإصلاح" أنّ تجارب الإسلاميين في المشرق العربي، وعلى رأسها تجربة "الإخوان المسلمين"، بحاجة إلى الكثير من التطوير والتجديد والرد على تساؤلات شائكة (مثل علاقة الجماعات الاسلامية بالدولة المدنية)، الأمر الذي دفعها إلى أخذ مسافة تنظيمية مع "الإخوان المسلمين" ومع التفكير الحركي الإسلامي المشرقي عموماً، وإلى إبراز تمايز الحركتين حول "جوهر المقاصد".
وفي وثيقة أصدرتها "التوحيد والإصلاح" عام 2003، بعنوان "توجهات واختيارات"، أعلنت الحركة عن اقتناعاتها الفكرية تجاه السلطة في المغرب، وقد جاء على رأسها تأييد نظام إمارة المؤمنين الملازمة للملك ولأساس شرعيته، وتمسكها بجعل الشريعة المصدر الأول للتشريع من دون اختزالها في الحدود، ورفضها الغلوّ والعنف والإرهاب.