مع تزايد الحديث عن عودة التدخل العسكري المحدود في سوريا إلى طاولة البيت الأبيض، كواحد من خيارات جديدة تصوغها وكالات الأمن والاستخبارات كبدائل لفشل التعاون الديبلوماسي مع موسكو، وتصعيد الأخيرة المقابل عبر إرسال منظومة «اس 300» إلى سوريا ودفع سفن جديدة نحو شرق المتوسط، تحاول واشنطن العمل مع حلفائها ضمن مجلس الأمن على إيقاف العمليات العسكرية في حلب، التي ترى بعض الدوائر الأميركية أن سقوطها بالكامل بيد الجيش السوري وحلفائه سيضع الأميركيين في موقف «ضعيف» لا يمكن تداركه.ويضع الإصرار الروسي على التزام دعم دمشق وحلفائها في الميدان والسعي إلى حضور أوسع على الأراضي السورية، واشنطن، أمام خيارات غير مضمونة النتائج، في وقت تستعد فيه الإدارة لترك البيت الأبيض، مع كامل الإصرار على عدم الخوض في «مغامرات» عسكرية مباشرة خارج الحدود.
واشنطن: تعليق التعاون مع
روسيا لا يعني إغلاق جميع الأبواب

ويأتي اتصال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، الذي تطرّق مباشرةً إلى الملف السوري، وفق بيان لوزارة الخارجية الروسية، ليعكس خياراً أميركياً في السياسة، بالإضافة إلى ما تبحثه في الميدان، في التوصل إلى تفاهم، قد لا يرقى إلى «اتفاق جنيف» المعلّق، ولكنه يشكّل مخرجاً مقبولاً من أزمة عدم انسجام الخيارات البديلة مع وقائع الميدان.
وقد يُفسّر إعلان دمشق أمس، ضمن هذا السياق، لـ«تقليص» الغارات الجوية والمدفعية ضمن مدينة حلب، كبادرة تقبّل لإعادة تفعيل وقف إطلاق النار وما يرافقه من دخول مساعدات إلى المدينة، إذ أعلن الجيش السوري في بيان أمس، أن الإجراء يأتي «حرصاً على تحسين الحالة الإنسانية للمدنيين الذين تأخذهم المجموعات الإرهابية كرهائن ودروع بشرية... وللمساعدة في خروج من يرغب من المواطنين باتجاه المناطق الآمنة».
ويعكس التحرك الفرنسي الذي يسعى إلى إقرار مشروع يتضمن وقفاً لإطلاق النار في المدينة ودخول مساعدات إلى أحيائها الشرقية، إضافة إلى وقف للغارات الجوية على المدينة، ما أشار إليه أول من أمس وزير الخارجية الأميركي جون كيري، عندما تحدث عن سعي بلاده إلى «هدنة» تضمن بقاء الطائرات الروسية والسورية على الأرض في عدد من المناطق. ومن المقرر أن يزور اليوم وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، موسكو، ضمن جولة ستحمله أيضاً إلى واشنطن، لمناقشة الملف السوري ومشروع القرار الأممي، إذ ذكر مكتب الوزير في بيان أمس، أنّ من المقرر أن يجتمع مع نظيره الروسي سيرغي لافروف اليوم، كما سيلتقي غداً كيري، في محاولة «للحصول على دعم بلديهما لهدنة تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية».
وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر، إن الوكالات الأميركية المتخصصة في مسائل الأمن والسياسة الخارجية، ستجتمع اليوم (أمس) لإعداد قائمة للرئيس باراك أوباما، بجميع خيارات التعامل مع الوضع السوري، بما فيها الخيار العسكري. وأشار إلى أن وزير الخارجية سيواصل العمل مع الشركاء على الوصول إلى حل ديبلوماسي، مضيفاً أن تعليق التعاون المؤقّت مع روسيا «لا يعني إغلاق الأبواب أمام تحرك متعدد الأطراف».
وكان المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لو فول، قد أعلن أن بلاده «ستطرح رسمياً» قبل نهاية الأسبوع الجاري، مشروع القرار في مجلس الأمن. وكان الأعضاء الخمسة الدائمو العضوية في المجلس، والذين يتمتعون بحق النقض قد اجتمعوا الجمعة لمناقشة هذا الاقتراح الذي يهدد باتخاذ «إجراءات أخرى» في حال عدم احترامه، دون الإشارة إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجيز استخدام القوة وفرض عقوبات على مخالفي القرار.