«الله حيو»، أو «خرجها»، أو «بتستاهل»... «ليش ما موتها؟»، هذه ليست مزحة ثقيلة بين رفيقين، بل تعليقات وجدت على خبر مرفق بصورة فتاة مدماة قيل انها من مدينة أم الفحم الفلسطينية، وتعرضت للضرب من والدها بواسطة كريك (آلة تستخدم لإخراج التراب أو الرمل من الأرض). أمّا السبب، فهو أن الوالد ما غيره «ضبطها» تتحدث بالهاتف مع «البوي فرند»!
يميل القضاة الإسرائيليون إلى أن «قتل الشرف» شأن عائلي
قبل أقل من أسبوع، قُتلت الأم دعاء أبو شرخ في مدينة اللد بحجة «الحفاظ على شرف العائلة». المرأة التي قتلت أمام ناظري أطفالها صارت مثل غيرها رقماً منسياً كغيرها من الأمهات والفتيات الواتي قتلن لمساسهن بنيشان الشرف العظيم!
صحيح أن ظاهرة العنف ضد المرأة عالمية، ونعلم أن نساء في جنوب أفريقيا تعرضن للاغتصاب على أيدي بعض جنود الأمم المتحدة الذين جاؤوا من أراضيِ متحضرة ومتحررة لحفظ «السلام» أو فرضه، وفلسطين المحتلة أيضاً ليست كوكباً سابحاً في مجرة منفصلة.
في غالبية البلدات والمدن الفلسطينية في الأراضي المحتلة، تُسيّر العائلات وفق هيكلية أبويّة تقليديّة لا يزال «الذكر» هو المسيطر الأول فيها، وقد يكون «عجز» المرأة نتيجة لهذا النظام، ولعوامل أخرى أهمها عدم استعدادها للتوجه إلى الجهات ذات الصلة بغية الحصول على مساعدة، والسبب هو الخوف من الوصمة الاجتماعية، وإيمانها العميق بأنه ينبغي لها التضحية لمصلحة عائلتها وأبنائها، والخوف مما قد يترتب على شكواها وخاصة أنها يمكن أن تتعرض لمزيد من الضرب أو العنف من الأقرباء.
ويشار إلى أن انشغالات أرباب الأسر العربية عن أبنائهم في سبيل توفيرهم للقمة العيش ومتطلبات الحياة العصرية، ساهمت في الانفلات المجتمعي ثم تفشي مظاهر العنف.
في الأراضي المحتلة، تضاف لعنات أخرى على رأسها الشرطة والقضاء الإسرائيليان. فقد تشابهت شهادات نساء ممن هناك كنّ قد تعرضن للعنف وتقدمن بشكوى إلى شرطة الاحتلال، وتبين أنهن تعرض للإهانة من الموظفين الإسرائيليين اليهود (المحققات، والاختصاصيين الاجتماعيين، ورجال الشرطة).
تدلّ تلك الشهادات على تجارب مريرة ومحزنة، منها الصعوبات التي لاقينها في الحواجز اللغوية، والتمييز العنصري الصارخ، والتدخل أو عدم التدخل تحت ادعاء الحساسية الثقافية. كما واجهن قلة في تفعيل برامج لمحاربة العنف واستعمال برامج تدخل على أساس النماذج الغربية التي لا تتطابق مع الرموز الثقافية للمجتمع العربي الفلسطيني. فوجدت النساء المعنفات أمام مجرمين: الأول هو المعنف المباشر (الزوج أو غيره)، والثاني هو الشرطي المجرم والمُهين!
أمّا عن القضاء الإسرائيلي، فحدث ولا حرج؛ عندما تطرح جريمة القتل على خلفية ما يعرف ظلماً بـ«شرف العائلة»، يميل القضاة إلى التشديد على المفهوم التقليدي بأن القتل شأن عائلي والقاتل ضحية هذه التقاليد.