بعد تسعة أيام سيجلس اليمنيون إلى طاولة مفاوضات سياسية في جنيف، ستمثل بداية نهاية العدوان السعودي المتواصل منذ آذار الماضي، الذي قتل أكثر من ألف يمني ودمر البنى التحتية اليمنية المتهالكة أصلاً، في بلدٍ هو الأفقر عربياً. و»من دون شروط مسبقة» ستتوجه حركة «أنصار الله» إلى المدينة السويسرية، كما أكد أحد قادتها يوم أمس، إذ إن وضعيتها الميدانية المتقدمة تسمح لها بالذهاب بثقة لتفتح باب الحوار مع خصومها المتحالفين مع الرياض.
وفي ظلّ ازدياد الأقاويل بشأن شروط الرئيس الفار عبد ربه منصور لحضور «مؤتمر السلام» الذي سترعاه الأمم المتحدة، مثل «الفيتو» على مشاركة الرئيس السابق علي عبدالله صالح أو أي من أقاربه المحادثات، ومطالبته بقوات عربية أو دولية في اليمن، يبقى موقف هادي وبالتالي موقف الرياض أكثر ليونةً هذه المرة تجاه الحوار، وسط ترجيحات بمشاركة رئيس الحكومة المستقيلة خالد بحاح نيابةً عن هادي في الاجتماعات التي ستؤسس لمرحلةٍ سياسية جديدة في اليمن.
عناصر من الجيش الجنوبي
السابق يشاركون في إدارة المعركة في عدن والضالع

في هذا الوقت، أكد مصدر مسؤول في صنعاء في حديثٍ لـ «الأخبار» (علي جاحز) إن مؤتمر جنيف «لن يكون سوى محطة تضع خطوطا عريضة لعودة القوى اليمنية إلى طاولة الحوار من حيث انتهى برعاية المبعوث الدولي السابق جمال بن عمر، أي ان المحادثات المرتقبة ستكون لرسم خريطة تحيي العملية السياسية ومن ثم استئناف الحوار الداخلي من حيث توقف، في تأكيد على أن هذا الحوار لن يأتي مخالفاً للمبادئ التي أعلنت عنها الحركة أكثر من مرة.
وقال المصدر إنه «لم يتم الاتفاق على أي تفاصيل حول نِسَب التمثيل والأطراف المشاركة، وانه لا يزال هناك خلاف على بعض المبادئ ومنها مطلب هادي وحكومته بانسحاب الجيش و»اللجان الشعبية» من المدن، وعودة جزئية للحكومة وقوات دولية تشرف على تطبيع الوضع، لافتاً إلى أن كل هذه محاولات «تطمح إلى تحقيق ما لم يستطع العدوان تحقيقه».
ويؤكد المصدر أن كل ما يشاع عن مشاورات مسقط ومجرياتها «لا صحة له»، وأن المشاورات سرّية ولا توجد أي تسريبات حولها، مشدداً على أن ما يجري في عُمان لا علاقة له مباشرة بجنيف، «وإنما يتركز البحث على الضغط لإيقاف العدوان والحصار وبحث سبل انهاء التوتر بين اليمن والسعودية بصورةٍ منفصلة عن المشكلة بين القوى اليمنية»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن نتائج مسقط «ستنعكس بكل تأكيد على مؤتمر جنيف».
وكان عضو المجلس السياسي في حركة «انصار الله»، ضيف الله الشامي، قد قال إن الحركة ستحضر مؤتمر جنيف من «دون شروط مسبقة»، مضيفاً أنها «تدعم جهود الأمم المتحدة لإدارة حوار يمني يمني».
وفي ما يبدو أنه بداية لإرساء إطار ينهي العمليات العسكرية في الأفق المنظور، أكد المتحدث العسكري باسم العدوان، أحمد عسيري، على أن «التحالف تمكن من القضاء بصورةٍ كلّية على خطر ترسانة الصواريخ الباليستية وتدميرها، وإعطاب وتحييد المتبقي منها».
وفي انتظار انطلاق المحادثات السياسية، تتزايد الدعوات إلى إعلان هدنة إنسانية جديدة، لإدخال مساعدات الإغاثة لليمنيين المحاصرين جواً وبحراً.
وكان مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، قد طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومنسق شؤون الإغاثة ستيفن أبراين بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية ومواصلة الدفع نحو فرض هدنة إنسانية، آملاً انطلاق المشاورات قبل بداية شهر رمضان، على أن تتواصل خلاله حتى الوصول إلى اتفاق نهائي يجمع بين كل الافرقاء اليمنيين.
من جهةٍ أخرى، تتمسك الرياض بخياراتها الميدانية في محاولاتها الأخيرة لانقاذ وضعيتها في الميدان اليمني، حيث لا يزال حلفاؤها فاقدين للمبادرة مقابل سيطرة الجيش و»اللجان الشعبية» على معظم المدن والمحافظات اليمنية. في هذا السياق، كشف المتحدث الرسمي باسم المجموعات المسلحة الموالية لهادي في عدن عاطف، عبد السلام جابر، عن مشاركة عناصر من الجيش الجنوبي السابق في إدارة المعركة على الأرض في عدد من المواقع وجبهات القتال في عدن والضالع، بعدما تلقى عدداً منهم تدريبات إعادة تأهيل في معسكرات التدريب الخاصة، في شرورة وصحراء العبر في محافظة حضرموت اليمنية، وذلك ربطاً بإعلان سعودي سابق عن إنشاء «جيش موالٍ للشرعية» في المحافظة الحدودية.
ميدانياً، تواصلت عمليات الجيش و»اللجان الشعبية» على الحدود، حيث تمكنوا أمس، من تحقيق «انتصارات نوعية» هناك، بحسب مصدر عسكري.
وأوضح المصدر في تصريح لوكالة «سبأ» أن قوات الجيش و»اللجان» «فجرت، برج الرديف العسكري التابع للعدو السعودي في جيزان»، لافتاً إلى أنه تم إعطاب دبابتين تابعتين للجيش السعودي في موقع جلاح العسكري. وأكد المصدر أن «عناصر جيش العدو السعودي فروا وبشكل جماعي، من موقع الشبكة تحت ضربات الجيش واللجان الشعبية».
وداخلياً، تابع الجيش و»اللجان الشعبية» تقدمهم في مناطق عدة، بينها تعز حيث بسطوا سيطرتهم على منطقة الشماسي، التي تعد أكبر معاقل «القاعدة» ومقاتلي «الاصلاح» في المدينة. كذلك، واصل الجيش مسنوداً بـ «اللجان» تقدمه في منطقة الوبح في محافظة الضالع.
وكان قصف مدفعي سعودي لصعدة شمال اليمن قد أدى الى استشهاد 19 مدنياً وإصابة عشرات آخرين ليل الاربعاء الخميس.
وفي مدينة الحديدة الساحلية غربي اليمن، شنت مقاتلات التحالف فجر الخميس سلسلة غارات على مقر القوات البحرية محدثة دمارا واسعا في المقر الذي يعد القاعدة البحرية الأهم في البلاد.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)