قضت محكمة النقض المصرية، وهي أعلى درجات التقاضي في البلاد، أمس، بإلغاء حكم محكمة الجنايات بعدم جواز النظر في محاكمة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في ما يتعلق باتهامه بـ«الاشتراك في القتل العمد بحق المتظاهرين»، مقررة إعادة محاكمته بمعرفة المحكمة، التي حدد لها الخامس من تشرين الثاني المقبل لبدء الجلسات أمامها، على أنه ليس من الواضح هل ستصدر المحكمة حكما نهائيا في الجلسة الجديدة، أم إنها ستكون جلسة افتتاحية في محاكمة أطول تمتد لعدة جلسات.
في المقابل، ناور القضاء بتأخير تبرئة مبارك مقابل تأييد «النقض» ــ التمييز، الأحكام الصادرة ببراءة جميع المتهمين الآخرين في القضية، رافضاً طعن النيابة العامة بالنسبة لهم، وبهذا تصبح الأحكام الصادرة بحق أولئك المسؤولين «نهائية وباتة لا يجوز الطعن فيها بأي صورة من صور التقاضي».
وجاء حكم المحكمة على ضوء طعن النيابة العامة في أحكام «جنايات القاهرة» في تشرين الثاني من العام الماضي لمصلحة مبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ومساعديه الستة، إذ أكدت مصادر قضائية أن المحكمة أيدت برفضها «الطعن فيما عدا ذلك» براءة العادلي وستة من كبار مساعديه من تهم قتل المتظاهرين والشروع في قتلهم، بل صار الحكم ببراءتهم نهائيا وباتا، في استكمال لما حصل عليه عشرات من ضباط الشرطة المتهمين بقتل مئات المتظاهرين أثناء الثورة التي أسقطت مبارك.
السيسي: غالبية أحكام الإعدام الغيابية تسقط بإعادة المحاكمة

وجرت كذلك تبرئة مبارك من اتهامات تتعلق بتصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل بأسعار زهيدة، وهي الأحكام التي ألغتها محكمة النقض وأعيدت في أعقابها المحاكمة من جديد أمام «الجنايات».
في سياق آخر، فإن اللقاء بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين، أول من أمس، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ظل محلا للجدل، وخاصة مع انتقاد ميركل تطبيق عقوبة الإعدام في مصر، لكن الزيارة توجت بعقد ضخم بقيمة تسعة مليارات دولار في مجال الطاقة، إذ وقعت شركة "سيمنز" أكبر طلبية لها على الإطلاق بقيمة ثمانية مليارات يورو حول الغاز الطبيعي وتوليد الطاقة من الرياح، مؤكدة أنها ستزيد إنتاج الكهرباء بنسبة خمسين في المئة داخل مصر.
وانتقدت ميركل في مؤتمر مشترك مع السيسي تطبيق عقوبة الإعدام في مصر، لكنها تعهدت إقامة علاقات اقتصادية أوثق مع القاهرة، مشددة على دور مصر المحوري باعتباره «مرتكزا للاستقرار في المنطقة التي تمزقها الصراعات». وقالت، إن ألمانيا «تعارض دائما عقوبة الإعدام تحت أي ظرف كان حتى في ما يتعلق بالأنشطة الإرهابية، يجب ألّا يحكم على الناس بالموت».
في المقابل، رد الرئيس المصري بأنه «يتعين التفريق بين قرارات إحالة أوراق المتهمين إلى فضيلة المفتي ــ التي لا تعد أحكاما وإنما تستهدف استطلاع الرأي الشرعي من الناحية الدينية فى العقوبة الخاصة بالاتهام، فضلا على أن أحكام الجنايات بوجه عام، ومن بينها الإعدام، يجري الطعن فيها أمام محكمة النقض»، مضيفًا أن «الأحكام صدر أغلبها غيابياً وتسقط بمجرد مثول المتهمين أمام المحكمة، إذ تعاد محاكمتهم مرة أخرى».
وخلال المؤتمر، صرخت امرأة محجبة بوجه السيسي واصفة إياه بأنه «مجرم»، ما أدى إلى دفاع العديد من الصحافيين المصريين عن السيسي والهتاف «تحيا مصر»، ثم قاد رجال الأمن ميركل والرئيس المصري بعيدا عن القاعة حيث علا الصخب.
وبشأن قضية محمد مرسي نفسها، فإن ناشطين من الحركة الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ــ الجناح الجنوبي، بينهم عضوان في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، نظموا قبالة السفارة المصرية لدى تل أبيب، أمس، وقفة احتجاجية على أحكام الإعدام ضد مرسي، بعد يوم واحد من دعوة 50 نائبا في مجلس النواب الأردني السيسي، إلى عدم الإقدام على إعدام مرسي.
يذكر أنه قتل رجلا شرطة، أول من أمس، في هجوم بالرصاص قرب هضبة الأهرام على الأطراف الغربية للقاهرة، إذ يعد هجوما لافتا في مكان سياحي ضمن سلسلة من العمليات التي جرت بعد الحكم على مرسي.
إلى ذلك، أصدرت محكمة جنايات مصرية، أمس، أحكاما بالسجن من 3 إلى 10 سنوات بحق 50 متظاهرا إسلاميا أدينوا بالتظاهر غير المرخص واستخدام العنف في محافظة سوهاج في صعيد مصر في عام 2014، إذ حوكم نحو نصفهم غيابيا والنصف الآخر حضوريا.
(الأخبار، رويترز أ ف ب، الأناضول)