تشهد العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية حملة تبرعات شعبية لدعم البنك المركزي اليمني، بعد دعوة زعيم حركة «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، الذي طالب اليمنيين بالتضامن مع البنك المركزي بهدف «إفشال أهداف التحالف السعودي والحكومة الموالية له بتفكيك مؤسسات الدولة». وترمي الحملة إلى حل أزمة البنك المركزي ودعم القطاع المصرفي، بعد قرار الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي نقل «المركزي» إلى مدينة عدن، ما أنذر بتعزيز الحصار الاقتصادي على المحافظات الشمالية وسكانها، وبكارثة اقتصادية ومالية.
ودفعت تهديدات حكومة هادي بقطع مرتبات المواطنين الموالين لـ«أنصار الله» أو المناهضين لـ«التحالف» عموماً، عدداً كبيراً من المواطنين إلى التبرع تحت عنوان «دعم صمود البنك المركزي للاستمرار بنشاطه». حكومة هادي، التي استندت الى مبررات عسكرية بالأساس، وليست اقتصادية، في انقلابها على اتفاق «الهدنة الاقتصادية» الموقع بين البنك المركزي في صنعاء والحكومة السابقة (خالد بحاح)، برعاية صندوق النقد الدولي في العاصمة الأردنية عمان في آب 2015، اعترفت أخيراً على لسان رئيسها أحمد عبيد بن دغر بعدم قدرتها على تنفيذ قرار نقل البنك من دون تعاون «أنصار الله»، إذ ناشد بن دغر الحركة اليمنية التعاون مع حكومته في تنفيذ القرار، وهو ما قوبل بردود فعل غاضبة حتى في أوساط الموالين لـ«التحالف» الذين اتهموا هادي وبن دغر باتخاذ قرار مصيري من دون ترتيبات مسبقة مع المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي الذي لم يبد أي موقف صريح من القرار برغم محاولات هادي إقناعه، وتعريض حياة الملايين من اليمنيين للخطر من خلال وقف التعامل مع «المركزي» في صنعاء وعدم اتخاذ أي إجراءات تنفيذية للقيام بمهمات البنك، ولا سيما في ما يتعلق بالوفاء بالتزاماته تجاه موظفي الدولة.
وفي السياق نفسه، كشف مصدر مقرب من الرئاسة في الرياض أن هادي تلقى تحذيرات من تداعيات إنسانية لقرار نقل البنك من قبل الدول الـ 18 الراعية للسلام، مشيراً إلى أن هادي تجاهل تلك التحذيرات وأصدر قرار نقل البنك بضوء أخضر سعودي من دون أن تلتزم المملكة بتقديم أي دعم عاجل للحد من كارثية القرار على الوضع الإنساني وعلى سعر صرف العملة اليمنية. يضاف إلى ذلك، عدم امتلاك حكومة هادي قاعدة بيانات مالية بموظفي الدولة الذين يتقاضون مرتباتهم الأساسية أو المتعاقدين أو النفقات التشغيلية المعتمدة وفق آخر موازنة أقرها مجلس النواب اليمني عام 2014.
تلك التداعيات وعجز حكومة هادي عن تحسين الإيرادات العامة للدولة وإقناع المجتمع الدولي بمساعدة البنك وإصرارها على تشديد الحصار على المحافظات الشمالية واستخدام البنك المركزي كورقة اقتصادية في الحرب، كل هذا دفع بمواطنين في المحافظات الشمالية الى التبرع للبنك كخيار وحيد لمواجهة محاولات نقل البنك وتأمين مرتبات موظفي الدولة.
وعلى مدى الأيام السبعة الماضية من إطلاق الحملة وتنظيم آليات الدعم الشعبي للبنك، أعلن عدد من القطاعات الحكومية إمكانية التبرع بقسط يوم من الراتب الشهري بشكل طوعي، واستقبلت مكاتب الهيئة العامة للبريد خلال أيام الحملة في صنعاء وعدد من المحافظات الآلاف من المواطنين من مختلف الأعمار الذين قدموا لدعم البنك بالمال.
وكانت احتجاجات موظفي الدولة في صنعاء قد تصاعدت في الأيام الأخيرة ضد قرار هادي نقل البنك إلى عدن التي كان قد أعلنها «عاصمة مؤقتة» للبلاد، كما رفض عدد من الوزارت في العاصمة الاعتراف بالقرار، وحمّلت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي حكومة هادي كامل المسؤولية عن أي تداعيات إنسانية لهذا الإجراء، ولا سيما أن عدداً من البنوك الدولية بدأ برفض أي تحويلات مالية من صنعاء وهو ما قد يتسبب بتوقف الصادرات إلى الموانئ اليمنية.