دفع الصراع الذي يخوضه حزب «الإصلاح» مع دولة الإمارات، والذي امتد من عدن إلى تعز فحضرموت، رئيس الحزب محمد اليدومي إلى التبرؤ من علاقة الحزب ذي الجذور الإخوانية بالتنظيم الدولي لجماعة «الإخوان المسلمين»، تنظيماً ونهجاً وأيديولوجياً.إلا أن محاولة اليدومي الخروج من العزلة المحلية والدولية التي تسببت بها مواقف الحزب تجاه الأحداث التي مر بها اليمن والمنطقة، أثارت جدلاً محلياً وتشكيكاً إقليمياً، إذ وُصفت بالمراوغة السياسية المكشوفة.
اليدومي أكد قبل أيام قليلة في بيان بمناسبة الذكرى الـ26 لتأسيس «التجمع اليمني للإصلاح» عبر موقع «فايسبوك»، أن «الحزب من خلال نظامه الأساسي وبرنامجه السياسي ولوائحه الداخلية؛ يؤكد، وبمنتهى الوضوح والشفافية وقطعاً لأي تأويلات أو إشاعات، عدم وجود أي علاقات تنظيمية أو سياسية تربطه بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين»، مشيراً إلى أن أولويات «الإصلاح» كحزب سياسي هي أولويات وطنية، وأن كل جهوده تنصَبّ مع شركائه من القوى السياسية اليمنية في إخراج اليمن من محنته الحالية وفي النهوض باليمن واستعادة مسيرته السياسية». وأضاف اليدومي أن الطريق الوحيد المشروع للوصول إلى السلطة هو الانتخابات النزيهة والشفافة، وغير ذلك فإن الإصلاح يرفض كل وسيلة أخرى للوصول إلى السلطة ويعتبرها غير مشروعة».
وأكد في ذكرى تأسيس الحزب الـ«26» أن «الإصلاح» حزب سياسي منفتح على الأفكار والمكونات، وفي الوقت نفسه «هو لا يسمح لأي أطراف سياسية غير يمنية بالتدخل في شأنه اليمني أو في رؤاه كحزب سياسي».
يخوض «الإصلاح» أكثر من صراع في الداخل مع تيارات وجماعات مسلحة مدعومة من الإمارات خصوصاً في عدن وتعز. وقد حاول عبر هذه الخطوة، إرضاء الإمارات التي تناهض «الإخوان» بشدة من خلال تأكيد «الحرص على أن تعزيز علاقات اليمن بأشقائه في كل من الإمارات وقطر والكويت وسلطنة عمان ومملكة البحرين يعد ضرورة لتعزيز أمن واستقرار المنطقة وتوفير مناخات آمنة لاقتصادياتها واستثماراتها».
تبرؤ اليدومي الموجود حالياً في تركيا من «الإخوان»، أثار جدلاً داخلياً في أوساط تيار «الإخوان» في الحزب الذي يقوده الداعية عبد المجيد الزنداني وعبدالله صعتر وآخرين من أمثال محمد الحزمي عضو البرلمان اليمني، وهم رواد فتاوى التكفير التي تصاعدت خلال السنوات الماضية، والتي شملت عشرات الأعضاء في مؤتمر الحوار الوطني الشامل عام 2014، إلا أنه قوبل بالتجاهل من قبل الإمارات.
عدّت قيادات حزبية إعلان اليدومي قراراً فردياً يعبّر عن موقف سياسي

وفي محاولة لتهدئة تيار «الإخوان» في الحزب، عدّت قيادات حزبية إعلان اليدومي قراراً فردياً، مشيرين إلى أن القرار يتطلب دعوة المؤتمر العام للحزب إلى الانعقاد لتعديل النظام الأساسي حيث لا يتم التعديل إلا بموافقة جميع الأعضاء. وفيما اعتبره مراقبون سياسيون «مراوغة سياسية محددة الأهداف»، وليس تحولاً في مسار الحزب التنظيمي والأيديولوجي، أكد الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في الحزب محمد السعدي أن إعلان فك ارتباط «الإصلاح» بـ«الإخوان» يعبّر عن موقف سياسي واضح لا لبس فيه.
الملاحظ ان اليدومي لم يتطرق في بيانه للقضايا المحلية ومنها مواقف الحزب من الحرب أو مساعي السلام، بل كان كلامه موجهاً فقط إلى المحيط الإقليمي، ولا سيما الإمارات والسعودية التي تتهم قيادات في الحزب بإعاقة تقدم القوات الموالية لـ«التحالف» في مأرب وتعز والجوف والاستحواذ على مخصصات القوات المدعومة منها.
ومعلومٌ أن «الإصلاح» يخوض معركة مصيرية لاستعادة المكاسب الضخمة التي حصل عليها بعد «انتفاضة فبراير» (2011)، وذلك منذ بدء الحرب، من خلال محاولاته وضع اليد على المناصب السياسية والسيطرة على المحافظات من خلال التفرد بمنصب المحافظ، وهو ما حدث في عدن العام الماضي حينما حاول الحزب تنصيب القيادي فيه، نائف البكري، محافظاً.
مساعي «الإصلاح» التي اصطدمت حينها بالمصالح الإماراتية في محافظة عدن خصوصاً والجنوب عموماً، دفعت أبو ظبي إلى تدشين حرب غير معلنة على «الإصلاح» في الجنوب بدأت بإسقاط البكري من منصب محافظ عدن وتوسيع دائرة الولاء للامارات في المدينة الجنوبية وتحجيم دور «الإصلاح» من خلال دعم التيارات السلفية الجهادية بالمال والسلاح المناهضة لـ«الإخوان».
الإصلاح الذي خرج من عدن خاسراً، تعرض مكتبه التنفيذي في المكلا أيضاً للاقتحام من قبل قوات موالية للإمارات في آب الماضي، ولا يزال يعيش صراعاً مع الامارات التي تحاول انتزاع منفذ الوديعة البري الذي يربط اليمن بالسعودية من سطوة عناصره.
وكان الحزب الاسلامي قد اتجه شمالاً للحفاظ على ما تبقى له من مكاسب، محاولاً أن يحل محل محافظ تعز السابق شوقي هائل الذي كان محسوباً على حزب «المؤتمر الشعبي العام»، الا أن الامارات تمكنت من فرض وجودها في تعز عبر التيارات السلفية الموالية لها في تعز بقيادة القيادي السلفي «أبو العباس» الذي أصبح رقماً صعباً في المدينة وله تأثير كبير لا يمكن لـ«الإصلاح» تجاوزه.
وبرغم ما تمر به البلاد من حرب وحصار، يمكن القول إن «الإصلاح» نجح في تحويل محافظتي مأرب والجوف إلى مقاطعتين تابعتين له، عبر حفاظه على سلطته في مأرب من خلال المحافظ المحسوب على تيار «الإخوان»، الذي سبق أن قاتل في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي سلطان العرادة.