لم يتمكن الشاب من الإشارة إلى القوارب التي تبعدها البحرية عن الجزيرة
والشاب الذي لقي حتفه بهذه الطريقة، يبلغ من العمر 37 عاماً، وضاقت به الأمور في المملكة بعدما حاصره الكفيل السعودي، وطالبه إما بسداد مليون ريال نتيجة مخالفات في عملية بناء كلف بها وأسندها إلى أحد أصدقائه بسبب مرضه، أو السجن وقضاء باقي عمره داخل زنازين الرياض. والخيار الأخير، حل كان سيؤدي إلى انقطاع الأموال التي يرسلها إلى والدته وزوجته، فلم يجد مفرا لإنهاء غربته التي دامت نحو 13 عاماً بين السعودية والأردن، سوى البحر.
قرر محمد العودة عائماً إلى مصر، ولكن مصادفة الأقدار أنه اختار واحدة من أقرب نقاط الالتقاء بين مصر والسعودية، فقرر السباحة حتى جزيرة تيران التي يمكن رؤيتها من الجانب السعودي وحاليا صارت بعهدته نظرياً، ثم كانت الخطة أن يستكمل رحلته إلى شرم الشيخ بمساعدة شقيقه، بعدما أبلغه قبل التحرك أنه سيتوجه اليها ويسبح ليصل إلى أقرب نقطة تخضع للسيادة المصرية.
ترك الشاب المصري كل متعلقاته في السعودية ولم يصطحب سوى بدلة غطس ارتداها للسباحة مستغلاً مهارته القديمة التي تعلمها في مسقط رأسه في محافظة الشرقية في دلتا مصر، وهو على ما يبدو نجح بالفعل في الوصول إلى تيران بعد ساعات طويلة، لكنه لم يتمكن من استكمال رحلته بعدما دهمه الجوع والعطش، ولم يتمكن من استكمال رحلته سابحاً أو أن يوقف أي مركب عائم من المراكب المختلفة التي تقترب من الجزيرة في الرحلات اليومية لهواة الغطس، وخاصة بعدما انخفضت وتيرة حركة الأخيرة بعد منعها من الرسوّ على الجزيرة بسبب الاتفاقية مع الرياض.
ظل محمد على الجزيرة التي تنازلت عنها القاهرة ليقضي حتفه، فيما لا يزال قرار رفض القضاء المصري لاتفاقية التنازل عن الجزيرة قيد التلاعب الحكومة، ويدور سجال قضائي بشأنها. وقد اكتشف جثمان الشاب أول من أمس، وتمكنت عائلته من استلامه ودفنه أخيراً بعدما ظل شقيقه الأصغر يبحث عنه لأكثر من شهرين محرراً بلاغات في أقسام الشرطة، وطالباً المساعدة من القوات البحرية في البحث عن أخيه الذي ترك نجله ابن السبعة أعوام يتيماً، كما ترملت زوجته الشابة التي لم يقضِ معها سوى أسابيع قليلة طوال ثماني سنوات زواج تحملت فيها اغتراب زوجها من أجل توفير لقمة العيش.