تسير خطوات تنفيذ اتفاق «الهدنة» على إيقاع التوتر والتشكيك بين واشنطن وموسكو. وبينما ينتظر أن تختتم اليوم مهلة الـ48 ساعة إضافية من وقف إطلاق النار، أعلنت موسكو أمس، أن الجيش السوري انسحب من طريق الكاستيلو شمالاً، وجرى تسليم نقطة التفتيش إلى الهلال الأحمر. وفي حال أعطت دمشق تصاريح دخول المساعدات الأممية، ينتظر أن تدخل اليوم الشاحنات القادمة من تركيا، بعد حوالى يومين من تواجدها على الحدود التركية ــ السورية، في انتظار موافقة الحكومة السورية، التي شدّدت على ضرورة التنسيق معها لدخول أي قافلة مساعدات خاصة من الجانب التركي. وبينما طالبت موسكو الجانب الأميركي إتمام التزاماته التي يقضيها الاتفاق، أكدت أنها ودمشق تتابعان بشكل تدريجي تنفيذ ما يترتب عليهما من خطوات على الأرض. وفي هذا السياق، أعلن نائب مدير إدارة العمليات الرئيسية في رئاسة أركان القوات الروسية الجنرال فيكتور بوزنيخير، أن «سلاحي الجو الروسي والسوري قد توقفا عن استهداف المناطق المحتملة لوجود المعارضة المعتدلة». وأضاف وفق ما نقلت وكالة «تاس» الروسية، أنّ «القوات الحكومية السورية التزمت وقف إطلاق النار، وبدأت بسحب الدبابات والآليات القتالية والمدافع، إلى المسافة التي جرى الاتفاق عليها في محيط المنطقة منزوعة السلاح (الكاستيلو)»، موضحاً أنه «جرى إخلاء نقطة التفتيش على طريق الكاستيلو وتسليمها للهلال الأحمر». وأشار إلى أن «الجانب الأميركي لم يقدم بعد معلومات دقيقة عن مواقع المعارضة المعتدلة، وسلّمنا فقط قائمة بأسماء الفصائل التي تدار من قبلهم، من دون ذكر مناطق انتشارهم، ولا أسماء قادتهم الميدانيين»، لافتاً إلى أن «هذا النهج الأميركي أدى إلى عرقلة استهداف تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، وعرّض عملية توصيل المساعدات الإنسانية للخطر».وبالتوازي، قال رئيس المركز الروسي للمصالحة فلاديمير سيفشينكو، إنه أجرى أمس، مفاوضات مع مسؤولين عسكريين أميركيين في جنيف وواشنطن «عبر قناة التنسيق والاتصال المباشر التي جرى تفعيلها مجدداً»، موضحاً أنه شدد خلال الاتصال على «ضرورة التزام واشنطن تعهداتها حول فصل المعتدلين عن جبهة النصرة». ولفت إلى أنهم سلموا الجانب الأميركي «تفاصيل خروق الهدنة التي تتضمن الأماكن والأوقات مع نوعية السلاح المستخدم والجهة التي أتى منها الخرق».
موسكو: النهج الأميركي يعرقل استهداف جبهة النصرة

وكان نائب المركز الروسي للمصالحة سيرغي كابيتسن، قد أكد أن «الجيش السوري بدأ منذ صباح أمس بسحب الآليات الثقيلة والمدافع إلى مواقع مجهزة مسبقاً تبعد 2.5 كم شمال طريق الكاستيلو»، موضحاً أنه «جرت مراقبة الانسحاب بالطائرات المسيرة، وتوثيقه عبر وسائل الإعلام». ولفت في الوقت نفسه إلى أن «المجموعات المسلحة لم تنفذ انسحاباً مماثلاً في المقابل، لا على مستوى الأفراد ولا المعدات العسكرية».
وفي السياق، أعرب المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا عن خيبة أمله إزاء عدم دخول المساعدات الإنسانية «دون شروط» وفق ما يقضي الاتفاق الروسي ــ الأميركي، محملاً الحكومة السورية مسؤولية هذا التأخير. ولفت إلى أن 40 شاحنة مساعدات تابعة للأمم المتحدة مستعدة للانطلاق نحو شرقي حلب عبر طريق الكاستيلو، مضيفاً أن دمشق كانت قد أعلنت موافقتها على دخول قوافل المساعدات الأممية، غير أنه «حنثت بوعدها ولم تمنح الأمم المتحدة التصاريح اللازمة للمرور». وكان منسق الشؤون الإنسانية في سوريا، يان إيغلاند، قد أوضح أن 20 شاحنة «عبرت الحدود التركية، وهي في منطقة عازلة ضمن الأراضي السورية، معرباً عن أمله في أن توزع المساعدة اليوم، في أحياء حلب الشرقية".
وعلى صعيد آخر، أوضح مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، أمس، أن بلاده تصوغ مشروع قرار لدعم اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، من أجل عرضه على مجلس الأمن الدولي الأسبوع المقبل. كذلك، جددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا، دعوة بلادها إلى نشر نصوص الاتفاق مع واشنطن، مضيفة خلال مؤتمر صحافي في موسكو أن «أطرافاً ليس بينها روسيا، تزود وسائل الإعلام بتسريبات حول هذا الاتفاق، ما يضطرنا للرد عليها يومياً». وأوضحت أن نشر الوثائق يحول دون «حدوث أي تأويلات مشوهة لها، أو تلاعب بمضمونها ووصولها إلى أطراف النزاع بصورة خاطئة».
ومن جهة أخرى، رأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر، إأن اتفاق وقف الأعمال القتالية «متماسك بشكل عام، وإن كان غير مثالي»، مشيراً إلى أن «تقييم» بلاده وروسيا لا يزال هو «استمرار وقف الأعمال القتالية».
إلى ذلك، قال مسؤولون أتراك إن رئيس الأركان الروسي فاليري جيراسيموف، أجرى أمس في أنقرة، محادثات «بناءة للغاية» مع نظيره التركي خلوصي أكار، بشأن التعاون العسكري والملف السوري. ونقلت وكالة «رويترز» عن تلك المصادر قولها إن «الاجتماع سيتيح التوصل إلى رؤية مشتركة تجاه مناطق مضطربة أخرى في الشرق الأوسط».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، تاس)