بعد انشغال لأكثر من خمس سنوات في الأوضاع السياسية من دون الاهتمام المعهود لوزارة الداخلية المصرية في ملفات الأمن الداخلي، بدأت الوزارة في الأسابيع الماضية استئناف نشاط عدة إدارات تابعة لها بقوة. ومن الواضح لمراقبين كثر أن هذه الحملات ضد ما تسميها «الداخلية» بيوت الدعارة وبؤر المخدرات والمخالفات في الشوارع، كلها تزيد تزيد من العائد المالي للوزارة خاصة من الغرامات المالية.ووفق الأرقام، سجلت الداخلية خلال الأشهر الستة الماضية ارتفاعاً يصل إلى الضعف تقريباً في «قضايا الأداب» عبر ضبط عشرات «شقق الدعارة»، بالإضافة إلى ملاحقة القائمين على «صفحات تبادل الزوجات والمثليين»، في حملة هي الأكبر منذ سنوات، ما دفع كثيرين من أصحاب هذه الشقق إلى إغلاقها أو تغيير أماكنهم.
وبرغم العقوبات الضعيفة التي تكتفي أحيانا بالغرامة المالية والسجن للنساء عدة أشهر في مثل هذه القضايا، فإن الحركة الملحوظة حكوميا تتزامن مع توجيهات أخيرة باستئناف نشاط القطاعات الأمنية التي شهدت ركودا، علماً بأن القضايا المضبوطة حتى الآن أقل من مثيلاتها في 2010 قبل «ثورة يناير».
تُمنع البدلات «المخالفة للمواصفات» والفتيات «غير المرَخّصات» للرقص

وتقول «الداخلية» إنها تلاحق المتهمين بممارسة الأعمال المنافية للآداب في المناطق السكنية جراء شكاوى من القاطنين في العقارات على غرار مناطق في أطراف العاصمة مثل التجمع وأكتوبر. كما تقوم المصنفات الفنية بملاحقة «الكباريهات» لضبط بدلات الرقص المخالفة للمواصفات والفتيات غير الحاصلات على تصاريح بالعمل في الملاهي الليلية، وهي خطوة دفعت محلات كثيرة إلى تعديل ملابس الفتيات واقتصار الغناء على المطربات الحاصلات على تصريح ومنع صعود «فتيات الليل» على المسارح كما كان يحدث في السنوات الأخيرة.
بشأن قضايا «المثليين»، بدأت «الداخلية» العمل الإلكتروني لإغلاق الصفحات والمواقع الخاصة بهم عبر ضباط يتنكرون بأسماء مستعارة من أجل ضبط هؤلاء الشباب بعد تحديد مواعيد معهم لمواعدتهم، وفق مصادر أمنية، أكدت اعتماد هذا الأسلوب بكثرة أخيرا. وكذلك الحال بالنسبة إلى «طالبي الأموال مقابل ممارسة الجنس» ومطلقي الصفحات المثيرة للجدل عبر «فايسبوك».
أما في ملف المخدرات، فكثفت «شرطة المخدرات» حملاتها على «البؤر الصغيرة» التي قالت إنها كانت تشعر بالأمان على مدار سنوات، في ظل اقتصار تحركات الشرطة على ضبط العمليات الكبرى وكبار المهربين، وهو ما تسبب في تحول نوعي في أنشطة «الديلر» الذين صاروا يكتفون بالتعامل مع زبائنهم المعروفين واختفوا من أماكن كثيرة كانوا يتحركون فيها بحرية كوسط القاهرة.
مصدر آخر لجمع الأموال وهو الأسهل للوزارة، يتمثل في مخالفات البناء، حيث واصلت «الداخلية» حملاتها في هذا المجال، وخاصة بإزالة العقارات المخالفة أو الطوابق المبنية بلا ترخيص، بالإضافة إلى عقارات مبنية على الأراضي الزراعية. أيضا، تواصل «شرطة الكهرباء» حملاتها المكثفة على سارقي التيار لتحصيل الغرامات، فيما وصل معدل تحرير المحاضر يومياً لأكثر من عشرة آلاف محضر، وسط توقعات بزيادة الحصيلة النهائية لتصل إلى ضعف ما جرى تحصيله العام الماضي، في ظل أن هذه الحملات وصلت مناطق لم تدخلها منذ سنوات، ولا سيما مع زيادة أسعار الكهرباء حالياً.
يقول مصدر أمني لـ«الأخبار» إن حركة التنقلات الأخيرة بين قطاعات «الداخلية» المختلفة شهدت انتداب عدد أكبر من الضباط في هذه القطاعات لتنفيذ التوجيهات الجديدة، بسبب «الانفراج في قضايا مكافحة الإرهاب وتجنب التركيز على العمل فيها وحدها من دون غيرها من القطاعات المختلفة».
والسبب الآخر الذي حرّك النشاط مجددا في قضايا الأمن الداخلي، وفق المصدر نفسه، توافر سجون جديدة وواسعة، ما دفع الوزارة إلى «إعادة ترتيب الأولويات ضمن خطة هيكلة بدأ العمل فيها عبر إسناد الملفات الخاصة للضباط الأكثر دراية وقدرة على التعامل مع طبيعتها». وأضاف المصدر نفسه أن «مباحث الإنترنت» تلقّى عدد من ضباطها الصغار في السن «دورات مكثفة في الداخل والخارج» للتعرف على أحدث تقنيات التتبع والعمل بها.