القاهرة | بات وعد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بإجراء الانتخابات البرلمانية في البلاد، قريباً من التحقق، مع تسارع خطوات مؤسسات الدولة المختلفة لإجراء الانتخابات قبل نهاية العام، وتحديداً في شهري أيلول وتشرين الأول المقبلين، وفقاً للمواعيد الأولية التي وضعتها الحكومة على أجندتها. فقد أوقف قسم «الفتوى والتشريع» في مجلس الدولة مناقشة ومراجعة قوانين الانتخابات، انتظاراً لتحديد موقف الحكومة، ممثلة في وزارة العدالة الانتقالية، من مشروع القانون الموحد للانتخابات البرلمانية الذي تقدمت به الأحزاب السياسية إلى السيسي، وهو المشروع الذي لا تزال الحكومة تدرس مدى دستوريته، مع أنه يتوقع أن ترفضه.
ووفق مصادر في «العدالة الانتقالية» تحدثت إلى «الأخبار»، فإن مشروع القانون الموحد يهدد البرلمان بالحل، لأنه «ليس قائماً على أسس دستورية، ولكنه مرتبط بالطريقة المثلي لتقسيم الدوائر من وجهة نظر الأحزاب، وهو ما لا يمكن قبوله»، واستدركت بالقول: «حتى إن مررته الحكومة لإرضاء الأحزاب، ستوجد مشكلة في إقراره عبر مجلس الدولة قبل اعتماده من رئيس الجمهورية». وأشارت المصادر إلى استحالة إضافة أي تعديلات جوهرية على قوانين الانتخابات، مشيرة إلى أن الدراسة هدفها إرسال رسالة للأحزاب بأن الحكومة لا تتعامل مع مقترحاتها باستهتار، ولكن الأمر «غير دستوري».

في غضون ذلك، تتوقع الحكومة أن يستأنف قسم «الفتوى والتشريع» مراجعة القوانين الأسبوع المقبل، بعد مخاطبته رسمياً من الوزارة المختصة، على أن يرفع القانون ويعاد إلى الحكومة ليعرض على رئيس الوزراء نهاية الأسبوع المقبل، وتحديداً في الاجتماع الأسبوعي، ثم يعمل على رفعه للرئيس تمهيداً لإقراره وإرساله للجنة العليا للانتخابات التي ستتغير تشكيلتها مع بداية الشهر المقبل ضمن الحركة القضائية الجديدة في ظل خروج عدد من قضاتها للمعاش وتصعيد آخرين بحكم الأقدمية.
يأتي ذلك في الوقت الذي وافق فيه قسم «الفتوى والتشريع» على التعديلات التي اقترحتها الحكومة ووافقت عليها «الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية» الشهر الماضي، وهي تعديلات على قوانين عمل المحكمة تضمن عدم التزامها الفصل في طعون الانتخابات وفقاً لمواعيد محددة، ما يضمن عدم تعطيل إجراء الانتخابات بحكم قضائي قبل الموعد بوقت قصير، أي على غرار ما جرى في آذار الماضي عندما صدر حكم بوقف الانتخابات قبل 20 يوماً من إجرائها.
بالتوازي مع ما سبق، عاد الجدل السياسي حول تشكيل قائمة موحدة تجمع القوى السياسية للتنافس على مقاعد القائمة التي تصل إلى 120 مقعداً، إذ تبنت عدة تيارات مقترح الرئيس للقائمة الموحدة التي يمكن الاتفاق عليها بين الجميع، فيما يبقى انضمام حزب «النور» السلفي وحزب «الحركة الوطنية» ــ الذي أسسه الفريق أحمد شفيق ــ العقبة الرئيسية في تشكيل القائمة، ليس فقط لأن كلاً منهما لديه قائمة خاصة به، ولكن لتحفظ عدد من القوى على الدخول معهما في تحالف.
على هذا الاعتبار، أجلت الأحزاب مناقشات القائمة الموحدة حتى عودة السيسي من جولته الجارية، وخاصة في ظل سفر عدد من قيادات الأحزاب لدعمه في برلين ضد التظاهرات المتوقعة من جماعة «الإخوان المسلمين»، علماً بأن ملف المناقشات أصبح مفتوحاً في ظل وعد السيسي لقاء الأحزاب شهرياً.
على صعيد متصل، تحاول بعض الأحزاب، ومن بينها «المصريون الأحرار» ذو التوجه الليبرالي، إعداد لائحة داخلية لمجلس الشعب تكون توافقية بين القوى من أجل إقرارها فور انتخاب البرلمان، وذلك «من دون الدخول في مناقشات عقيمة تعطل مراجعة القوانين التي أقرت خلال المرحلة الانتقالية وحصر الدستور 15 يوماً لمراجعتها من تاريخ انعقاد البرلمان».
وتتضمن اللائحة الداخلية للبرلمان آليات عمل اللجان، بالإضافة إلى القواعد التنظيمية الخاصة بالمجلس وتشكيل هيئات المكاتب وانتخاب الرئيس، علماً بأن أولى جلسات البرلمان يترأسها عادة أكبر الأعضاء سناً حتى إجراء التصويت على المرشح الفائز برئاسة البرلمان. ورغم عدم إبداء رئيس المحكمة الدستورية والرئيس السابق للجمهورية، المستشار عدلي منصور، موافقة نهائية على تولي رئاسة البرلمان بتوافق من القوى السياسية المختلفة ــ تقديراً لدوره في المرحلة الانتقالية التي أعقبت عزل مرسي ــ فإنه يبدو «الاختيار الأفضل» لدى غالبية القوى السياسية التي أصبح لدى كثير منها تحفظ على ترشح رئيس لجنة إعداد الدستور عمرو موسى لتولي رئاسة البرلمان، فيما طرح اسم رئيس نادي القضاة السابق ووزير العدل الحالي المستشار أحمد الزند على استحياء.
يشار إلى أن موسى ومنصور أعلنا رسمياً عدم ترشحهما للانتخابات البرلمانية، وهو ما يؤكد أنه في حال توافق القوى السياسية على أحد منهما، سيقوم الرئيس بوضع اسمهم ضمن قائمة المعينين بقرار رئاسي وفقاً لما ورد في الدستور.