قد يتحوّل السباق التركي ــ السعودي الخفيّ إلى مواجهات مباشرة
الميدان
على الأرض، تسارعت التطورات في جرابلس ومحيطها لتشكل نُذر حرب طاحنة بين أنقرة والأكراد داخل الأراضي السورية تأتي امتداداً للحرب «التاريخيّة» بين الطرفين. ورغم أنّ حلفاء «وحدات حماية الشعب» هم الذين تصدروا مشهد المعارك مع الأتراك وأذرعهم، إلا أن أصابع «الوحدات» حاضرة في معظم التفاصيل. الصواريخ الكرديّة عرفت طريقها إلى مطار ديار بكر التركي، والدبابات التركيّة اختبرت سريعاً مضادات الدروع. واستهدفت الطائرات التركيّة مباني سكنيّة، ما خلّف عشرات القتلى في منطقة أكدت مصادر كرديّة لـ«الأخبار» أنّه «مُتفقٌ على تحييدها». ووفقاً للمصادر، فقد تم الاتفاق عبر وجهاء على تحييد القرى المقصوفة لأنها «مناطق نزوح. وقد سقط من بين الشهداء نازحون من قرية العريمة». المصادر أكّدت أن «كل ما يشاع عن اتخاذ المدنيين دروعاً من قبل «مجلس جرابلس العسكري» عارٍ من الصحة»، وأنّ «حصيلة مجزرتي الصريصات وبير الكوسا 37 شهيداً حتى الآن، والأعداد قابلة للزيادة بسبب وجود جرحى في حالة حرجة، بينهم نساء وأطفال». الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بدا مصرّاً على انتهاز الفرصة للسعي إلى تصفية الوجود الكردي على الشريط الحدودي، وجدّد أمس عزمه على «استمرار العمليات حتى استئصال حزب الاتحاد الديموقراطي الإرهابي الانفصالي». بالمقابل؛ وفي عزم واضح على خوض المعركة «حتى نهايتها» أعلنت «قوات سوريا الديموقراطيّة» أمس ما أطلقت عليه مشروع «المقاومة الكرديّة السوريّة ضد الاحتلال التركي». وهي وفقاً لـ«عضو مجلس سوريا الديموقراطيّة»، ريزان حدّو، «مقاومة سوريّة. المكوّن الأغلب فيها مكون كردي، لكنها تضمّ مجموعات سورية أخرى مثل «كتائب شمس الشمال»، «لواء السلاجقة»، «جيش الثوار» و»لواء الشمال الديموقراطي»». حدّو أوضح لـ«الأخبار» أنّ «الأخير هو لواء مكونٌ من مقاتلين من محافظة إدلب، أعلنوا اليوم (أمس) دعمهم الكامل ووقوفهم في وجه الاحتلال التركي».
«قسد»: للحفاظ على وحدة سوريا
حدّو رأى في ما يحصل في الشمال السوري سعياً تركيّاً «لاستنساخ ما فعلته إسرائيل في جنوب لبنان من احتلال، ثمّ إحلال لميليشيات عميلة (في إشارة إلى ميليشيات سعد حداد وأنطوان لحد)». وأَضاف «الأتراك إذا نجحوا في احتلال المنطقة تحت اسم «منطقة آمنة» أو سواه، ولن ينجحوا، فلن يكون مفاجئاً أن يدعوا مستقبلاً إلى استفتاء حول انضمامها إلى تركيّا». وشدّد حدّو في الوقت نفسه على أنّ «مشروعنا هو الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واستقلالها، وهذا أكبر رد على كل من حاول استغلال أحداث الحسكة المؤسفة». يُشكل «الحلم الإردوغاني بحلب» قوام التحركات التركية وفقاً لحدّو، فـ«الذين يهاجمون حلب عبر جبهتها الجنوبية هم حلفاء أنقرة وأذرعها، وهم أنفسهم من يساندونها في غزو جرابلس، ويخططون معاً للتوجه نحو الباب. وعندها يتم وضع حلب بين فكي كماشة». يؤكّد «مجلس سوريا الديموقراطيّة» أن التحالف مع الأميركيين لا يزال قائماً لـ«مواجهة داعش». ويقول حدّو إنّ «الخبراء الأميركان والفرنسيين لا يزالون موجودين، ويقدمون خبراتهم واستشاراتهم لنا في المعارك ضد داعش». ويضيف «طالبنا «التحالف» بفتح تحقيق والمساعدة في كشف ما جرى والوقوف على تفاصيل المجازر التي ارتكبها الاحتلال التركي».
درس الحسكة
«ما حصل في الحسكة كان خطأ فادحاً، والسلاح تم توجيهه إلى المكان الخطأ». بهذا الوضوح، يوجّه ريزان حدّو «رسالةً» إلى دمشق. ويقول لـ«الأخبار» إن «الجيش السوري والوحدات الكردية هما القوتان السوريتان الوحيدتان اللتان تحاربان الإرهاب فعليّاً. وبكل أسف، شهدت الحسكة أخطاء من الطرفين». لا تواصل مباشراً بين «قسد» ودمشق في شأن جرابلس حتى الآن، وفقاً للمسؤول الكردي الذي يضيف «سوريا بلدنا جميعاً، ومستعدون للتنسيق مع كل سوري يرغب في الدفاع عنها ضد الاحتلال التركي. الخلافات السورية السورية مهما كانت طبيعتها قابلة للحل إذا توافر حوار برعاية طرف موثوق، وما جرى في حميميم أكبر دليل».