شهدت الساحة العراقية، أمس، تطوّرات بارزة على المستويات السياسية والعسكرية والتشريعية، تمثلت باستعادة القوات العراقية ناحية القيارة (جنوبي الموصل)، بالكامل، بالتزامن مع إقرار البرلمان قانون العفو العام الذي كان مدار نقاش على مدى سنوات، وأيضاً في الوقت الذي صوّت فيه البرلمان على سحب الثقة من وزير الدفاع خالد العبيدي.وفيما تحمل إقالة العبيدي آثاراً على المستوى العسكري، ولا سيما أنها أتت في وقت تستعد فيه القوات العراقية لتحرير الموصل، فهي أيضاً تحمل نتائج على المستوى السياسي، تنعكس في خسارة رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي حليفاً مهماً له في الحكومة يمثّل «اتحاد القوى»، فضلاً عن أن هذا الأخير سيواجه مشكلات في اختيار شخصية تحل بدلاً من العبيدي، في ظل الانقسام السياسي الذي تشهده البلاد.
وقد صوّت مجلس النواب بالغالبية على إقالة العبيدي، بعد سلسلة اتهامات بملفات فساد قدمها ضده نواب. وجرت عملية اقتراع سري على الورق، صوّت خلالها 142 نائباً على سحب الثقة، مقابل 102 ضد الإقالة. كذلك، تأتي إقالة العبيدي بعد تبادل الاتهامات مع رئيس البرلمان سليم الجبوري مطلع الشهر الحالي، حين اتهمه خلال جلسة استجوابه بالوقوف وراء ملفات فساد وابتزاز.
طردت القوات العراقية تنظيم «داعش» من القيارة

ورداً على إجراء مجلس النواب، قال العبيدي «أخيراً انتصر من أوصل العراق إلى ما وصل إليه الآن، فليعذرني الشعب والجيش، فقد حاولت أن أحارب الفساد بالممكنات، لكن يبدو أن أربابه أقوى وصوتهم أعلى وفعلهم أمضى». وفي صفحته على موقع «فايسبوك»، أضاف العبيدي: «مع ذلك، سأبقى كما قلت جندياً من بين جنود شعب العراق الغيارى الساعين إلى محاربة الفساد والمفسدين، شاكراً كل من صوّت ووقف معنا وتفهّم موقفنا وتفاعل معه، والعاقبة للمتقين».
وأشار العبيدي إلى «محاولاته الحثيثة» لـ«محاربة الفساد والفاسدين ومنع المحسوبية، التي أوصلت العراق في عام 2014 إلى أن يخسر 40 في المئة من أرضه، ويشرّد ملايين من شعبه وتتهدد مقدسات العراقيين وعاصمتهم الحبيبة بغداد».
في غضون ذلك، برز تطوّر لافت على المستوى التشريعي، أيضاً، فقد أقرّ مجلس النواب بغالبيته قانون العفو العام عن السجناء، الذي يجري التداول به منذ سنوات، والذي استثنى السجناء الأجانب والمتهمين بـ«الإرهاب». وفي هذا الإطار، قال النائب عن «جبهة الإصلاح» (معارضة)، علي الصافي إن «مجلس النواب صوّت على القانون بحضور 245 نائباً»، من دون أن يوضح عدد الأصوات المؤيّدة، والرافضة أو تلك الممتنعة أو المتحفظة. لكنه أشار إلى أن رئاسة المجلس اجتمعت باللجنة القانونية، قبل عقد الجلسة، من أجل إنهاء جميع الخلافات المتعلّقة بالقانون.
وجاء مشروع القانون النهائي بعدة استثناءات، شملت «الجرائم الإرهابية التي تنشأ عنها حالات قتل أو إحداث عاهة مستديمة، وغيرها من الجرائم التي تؤدي إلى تخريب مؤسسات الدولة، فضلاً عن جريمة محاربة القوات المسلحة».
كذلك استثنى القانون، المتضمّن 14 مادة، بعض الجرائم «منها تخريب مؤسسات الدولة والاغتصاب وزنا المحارم والاتجار بالبشر والمخدرات والخطف التي تؤدي إلى قتل المخطوف أو التسبب في تشويهه».
وجاء التصويت النهائي على تشريع القانون، بعد فترة من الخلافات وتأجيل التصويت عليه مرات عدة. ففي نهاية عام 2014، اشترطت القوى المنضوية تحت «اتحاد القوى» تشريع القانون كأساس للمشاركة في حكومة حيدر العبادي، وتمّ تضمين الشرط في البرنامج الحكومي الذي التزم العبادي أمام البرلمان بتنفيذه.
ميدانياً، تمكنت القوات العراقية من طرد عناصر تنظيم «داعش» من القيارة، بعد معركة ضارية دامت حوالى 3 أيام، بحسب ما أعلنه قائد القوات البرية الفريق رياض جلال توفيق. وتعد القيارة (60 كلم جنوبي الموصل) بلدة استراتيجية وقاعدة أساسية للهجوم على مدينة الموصل، المعقل الرئيسي لـ«الجهاديين». وقال توفيق «أحكمنا السيطرة على المدينة من كل الجوانب، واستطعنا بوقت قياسي القضاء على الجيوب الموجودة داخلها»، مضيفاً أن «الهندسة العسكرية تعمل، حالياً، على تمشيط المدينة من العبوات الناسفة».
من جهته، رحّب العبادي بهذا التقدم، معتبراً إياه خطوة مهمة نحو استعادة الموصل. وقال في بيان: «حققت قواتنا البطلة اليوم نصراً كبيراً، وخطوة مهمة على طريق تحرير الموصل، وألحقت هزيمة منكرة بعصابة داعش الإرهابية». واعتبر أن ذلك «يعني تقريب المسافة نحو الهدف الكبير المتمثل باستعادة مدينة الموصل، ومحافظة نينوى بشكل عام وإنقاذ أهلها من جور العصابات الظلامية المجرمة وظلمها».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)