غزة | وسط قنبلة جديدة فجرها القيادي في حركة «حماس» صلاح البردويل، بأن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أحبط محاولات بعض الدول العربية، ومنها السعودية ومصر، لإتمام المصالحة مع «حماس»، فإن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، قدم إلى القطاع ومعه 60 مرافقاً ومسؤولاً ليبث من ميناء غزة «الموعود» رسالة أمل جديدة بدأها «رفاقه» الأوروبيون الذين سبقوه في الأشهر الماضية.إذاً، ذهبت محاولات «حماس» مع السعودية أدراج الرياح، فالملك سلمان لم يعر أذنه إلا لمحمود عباس، هكذا تقول الحركة الإسلامية التي تؤكد أن بوابة القاهرة مغلقة في وجهها أيضاً، بل إنه «لا نية للوسيط المصري لأن يتدخل قريباً في موضوع المصالحة لأسباب تخصه»، يؤكد البردويل، الذي يتهم عباس بأنه «مشغول في قضاياه العائلية وفشله السياسي».

في الوقت نفسه، كذّبت «حماس» ما نشرته قناة «العربية الحدث»، السعودية التمويل والسياسة، بشأن وجود فساد مالي داخلها، وتورطها مع «حزب الله اللبناني» و«الحوثيين» في اليمن. وقالت الحركة، في بيان، إن ما نشرته القناة السعودية يوم الجمعة الماضي تحت عنوان: «حماس بين فساد مالي وتورط مع حزب الله والحوثي»، هو «محض أكاذيب وتلفيقات لا أصل لها»، متهمة من يقف وراءها بأنه يقود «محاولة تشويه موقفها المعروف، والعمل من أجل التأثير السلبي على علاقاتها العربية». لكن ذلك لم يخف أن الحديث عن «حماس» بهذه الطريقة عبر الإعلام السعودي وربطها بـ«أنصار الله» الذين لم تقف معهم، هو خاتمة حزينة لآمال لم تتم الشهرين.
اتهمت الحركة رئيس
السلطة محمود عباس بتخريب وساطة الرياض

في المقابل، تلقفت الحركة زيارة وزير الخارجية الألماني لغزة، لدعوة بلاده إلى أن تكون «وسيطاً وتلعب دوراً مناسباً لرفع الحصار الإسرائيلي ووقف الاعتداءات على غزة» بما يتناسب مع «حجمها (ألمانيا) على المستوى الأوروبي والدولي». جاءت الدعوة عشية وصول شتاينماير إلى غزة أمس، وهو الذي أكد، من رام الله والأراضي المحتلة ــ حيث اجتمع مع مسؤولين في السلطة وآخرين إسرائيليين ــ أنه يجب حصول الناس في غزة على «فرص حياة حقيقية عبر إعادة إعمار سريعة وفتح للحدود... لكن عندما أقول كلانا فإنني أعني أيضاً نهاية للهجمات الصاروخية التي تنطلق من القطاع»، مشيراً إلى أمله في تحقيق «تقدم في مسائل لم نحقق فيها النجاح خلال الماضي القريب».
وفي غزة، ومن على مينائها الموعود بأن يكون منفذاً لأهله بدلاً من معبر رفح مع مصر، دعا الوزير إلى ألّا تكون غزة «برميل بارود»، مؤكداً أنه «لن نسمح له بأن ينفجر، كذلك لا نريد أن تكون غزة منصة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل».
واللافت أن حضور الوزير الألماني مع وفد كبير واختيار الميناء مكاناً مركزياً للزيارة لم يكن وحده كافياً للدلالة على شيء يتحرك في الماء الراكد، إذ إن قدومه إلى غزة يأتي بالتزامن مع دخول السفير القطري، محمد العمادي، إلى القطاع قبل ثلاثة أيام، فضلاً عن وصول القيادي في «حماس» ونائب رئيس مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق عبر معبر رفح الأسبوع الماضي، وفي الوقت نفسه وصول نائب رئيس حكومة التوافق، زياد أبو عمرو واجتماعه مع أبو مرزوق، وأيضاً خروج وزيرين من غزة إلى رام الله.
في المقابل، تحدثت مصادر داخل «حماس» في اتجاهين: الأول أكد أن ألمانيا ــ التي كانت وسيطاً سابقاً في صفقة جلعاد شاليط قبل مصر ــ ستكون «عرابة» اتفاق قريب بين الحركة وإسرائيل بصورة غير مباشرة. أما الاتجاه الثاني، وهو من صف القيادات الأول، فنفى أن يكون الوزير أو أي من وفده المرافق قد التقى أحداً من «حماس»، مؤكداً أن الجولة اقتصرت على زيارات ميدانية واجتماع مع وزراء «التوافق» في غزة وممثلي وكالة الغوث ــ «الأونروا»، وواصفاً ما يحكى بأنه أشبه بـ«الحمل الكذّاب».
المصادر الأولى تقر بأنه جرت لقاءات سريعة على غرار لقاءات الوفود الأوروبية السابقة ــ التي عادة يُكشف عن انعقادها بعد وقت من حدوث ذلك ــ لاستكمال الصورة لدى الألمان الذين اجتمعوا بالسلطة وإسرائيل، وهم يعملون على «صياغة اتفاق يُرضي حماس ويفك الحصار عنها ويثبت تهدئة مؤقتة». وتتهم المصادر نفسها كلاً من محمود عباس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإحباط أي مبادرات تهدئة مشروطة قد تعقد بين «حماس» وإسرائيل.
وعن إمكانية التوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى مع الكيان العبري، أكدت تلك المصادر أن هذا الملف بالتحديد لا ينسق فيه إلا عبر كتائب القسام، التي يمكن أن «تفاوض المخابرات الألمانية أو أي دولة ترعى التوسط في هذا الملف، ولا يكون ذلك عبر الوفود الوزارية مهما علا شأنها».
وبينما قلل أصحاب الاتجاه الثاني مما يشاع عن تمهيد لاتفاق، فإنهم أكدوا ترحيب «حماس» بالزيارة التي هي «محاولة ألمانية للاضطلاع بدور والقيام بمسؤوليات أسوة بدول أوروبية أخرى تحاول البحث عن حلول سياسية تنزع فتيل الانفجار»، علماً بأن هذه الزيارة هي الأولى التي يصل فيها وفد رفيع المستوى بهذا المستوى والعدد إلى غزة، ويتطرق إلى الحديث عن المعابر والتهدئة والأمن.
في غضون ذلك، اقتصر اللقاء بين زياد أبو عمرو وشتاينماير، على دعوة حكومة التوافق ــ التي مضى على تشكيلها عام ــ المجتمع الدولي والدول المانحة إلى التزام وعودها المعلنة في مؤتمر الإعمار في القاهرة. وقالت الوزيرة هيفاء الآغا، لـ«الأخبار»، إن شتاينماير «وعد بالضغط على الدول المانحة، وإحداث تعديلات على خطة سيري بما يتواءم مع متطلبات الإعمار الكلي، وأيضاً الضغط على إسرائيل من أجل فتح المعابر وإدخال مواد البناء».
أما بشأن المصالحة، فإن البردويل الذي أكد أنها لا تزال «مجمدة»، قابله القيادي في «الجبهة الديموقراطية» صالح زيدان، قائلاً إن الفصائل «تبحث الاتفاق على موعد خلال هذا الأسبوع لعقد اتفاق مع حماس وفتح» يكون فاتحة للعلاقة بينهما. وأضاف زيدان، عقب لقائه أبو عمرو، إن الأخير «يبحث مع عدة جهات سبل البحث عن بعض الحلول دون أي مستجد».
في الوقت نفسه، قال القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، إن اتصالات تبذل من لجنة شكلتها حركته والجبهتان الشعبية والديموقراطية وحزب الشعب، مع حركتي «حماس» و«فتح»، من أجل الوصول إلى تحديد مواعيد على الأقل كي تستأنف المباحثات الداخلية. وأكدّ حبيب لـ«الأخبار»، أن الفصائل تلقت إشارات إيجابية حول رغبة الأطراف في استمرار المصالحة، وبقي أن يتفق على مواعيد.
في سياق آخر، فإن الوضع الأمني الذي عاد إلى الهدوء في غزة خلال الأسبوعين الماضيين بعد سلسلة انفجارات وحوادث أمنية بين مجموعات سلفية و«حماس»، لم يبق على حاله. فقد صدر أمس، بيان عن «جماعة أنصار الدولة الإسلامية في بيت المقدس»، يعلن أن عبوة استهدفت «المرتد صابر صيام» الذي يعمل في جهاز المباحث العامة التابع لـ«حماس» في خانيونس جنوبي القطاع، قائلة إنه «أحد المشاركين في الحرب المعلنة ضد الموحدين».
إلى ذلك، أفاد موقع «واللا» الإسرائيلي بأن الجناح العسكري لـ«حماس» أجرى، صباح أمس، تجربة لإطلاق صاروخين من غزة باتجاه البحر في إطار تجربة إطلاق الصواريخ.




السفير القطري يواصل عمله في غزة


يواصل السفير القطري، محمد العمادي، الذي وصل إلى غزة أخيراً، البحث في سبيل تنفيذ مشروعات الإعمار بعدما أعلن انطلاقها قبل شهرين، ومن بينها الشروع في تنفيذ ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى البدء في مدينة حمد للأسرى، وإتمام المشروعات القطرية الأخرى، كما قال منسق اللجنة القطرية أحمد أبو راس. وعلمت «الأخبار» من مصادر موثوقة وجود مشاورات قطرية مع الإسرائيليين من أجل إمداد خط من حقل «غزة مارين» قبالة شواطئ غزة التي تسيطر عليه إسرائيل بالقوة، إلى محطة كهرباء غزة، علماً بأن السلطة الفلسطينية منحت في 1999 عقداً حصرياً لشركتي «بريتش غاز» البريطانية واتحاد المقاولين للتنقيب عن الغاز في بحر القطاع. وأوضحت المصادر أن الهدف الأساسي الذي يبحثه الجانب القطري هو توفير آلية خاصة من أجل إدخال مواد الإسمنت للمشاريع القطرية، كما الحال مع المشاريع الدولية، بالتزامن مع حل أزمة الكهرباء التي «ستعتبر إنجازاً كبيراً، ولكنه أمر معقد إلى حد بعيد».
أيضاً، علمت «الأخبار» بوجود تفاهم على إدخال الإسمنت عبر شركة أردنية إلى غزة، كما الحال مع وكالة الغوث ــ «الأونروا»، من دون أن تتسنى معرفة آلية عبور هذه المواد، مع الإشارة إلى أن هذه الشركة تتبع لرجال أعمال أردنيين محسوبين على الحكومة في عمان.
(الأخبار)