أعادت المجازر الأخيرة التي ارتكبتها طائرات التحالف السعودي في اليمن، خلال الأيام القليلة الماضية، الدعم الأميركي والبريطاني للحرب المستمرة إلى الواجهة. واتهمت صحيفتا «نيويورك تايمز» الأميركية و«ذي غارديان» البريطانية، كلاً من واشنطن ولندن بـ«التواطؤ» في المجازر الأخيرة، عبر استعراض طرق الدعم وفي مقدمها صفقات التسليح بين الدولتين من جهة، وبين السعودية من جهة أخرى. وقالت «نيويورك تايمز» إن المستشفى الذي تدعمه منظمة «أطباء بلا حدود» والمدرسة ومصنع «رقائق البطاطس» التي قصفتها طائرات «التحالف» قبل أيام، «ليست أهدافاً عسكرية مشروعة ولكنها كلها استُهدفت من قبل طائرات حربية تابعة لـ«التحالف»، ما أدى إلى مقتل 40 مدنياً». وفي افتتاحيتها أول من أمس، قالت الصحيفة إن «الولايات المتحدة متواطئة في هذه المذبحة»، فهي «مكّنت التحالف بطرق عدة، تضم بيع الأسلحة الى السعوديين لتهدئتهم بعد إبرام الاتفاق النووي مع إيران»، مطالبةً الكونغرس بوضع حد لمبيعات الأسلحة، والرئيس باراك أوباما «بإبلاغ الرياض أن الولايات المتحدة ستسحب دعمها إذا لم تتوقف عن استهداف المدنيين والقبول بالتفاوض على السلام».
هناك بصمة أميركية على كل روح مدنية فقدت في اليمن

وتابعت الصحيفة أن التصعيد السعودي الأخير يثير احتمالين غير سارّين، «الأول هو أن السعوديين وتحالفهم من الشركاء السنة العرب لم يتعلموا بعد كيفية تحديد الأهداف العسكرية المسموح بها، والهدف الثاني هو أنهم ببساطة لا يهتمون لقتل الأبرياء من المدنيين».
واعتبرت الصحيفة أن السعودية تتحمل المسؤولية الأكبر وراء إشعال الصراع مع الحوثيين. وأضافت: «على الرغم من أن عدداً من الخبراء أكدوا أن التهديد مبالغ فيه، وافق اوباما على دعم التدخل العسكري في اليمن، من دون تفويض رسمي من الكونغرس، وباع السعوديين المزيد من الأسلحة في إطار تهدئة غضب الرياض من الاتفاق مع ايران». وذكّرت الصحيفة الأميركية بأن أوباما باع السعوديين منذ تسلمه الرئاسة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار، بما فيها طائرات الأباتشي والصواريخ.
كذلك، قدّم أوباما إلى «التحالف» مساعدات أساسية مثل المعلومات الاستخبارية، وتزويد الطائرات بالوقود من الجو، والمساعدة في تحديد الأهداف، بحسب الصحيفة التي أكدت أن «الخبراء قالوا إن التحالف سيُعاقب في حال حجب واشنطن دعمها له». ولكن بدلاً من ذلك، وافقت وزارة الخارجية الأميركية، الأسبوع الماضي، على بيع 1.15 مليار دولار من الدبابات وغيرها من المعدات للسعودية لتحل محل تلك التي دمرت في الحرب. وقال السيناتور كريس ميرفي، الديموقراطي من ولاية كونيتيكت إن الكونغرس يمتلك القوة لمنع هذه الصفقة، مشيراً إلى أنه يجري مفاوضات مع نواب آخرين لوقفها في المجلس. لكنه أضاف أن ذلك يُعدّ من الاحتمالات الضئيلة، «بسبب السياسة». وتابع المسؤول الأميركي بالقول إنه «نظراً إلى سقوط ضحايا من المدنيين، في ظل المزيد من الدعم الأميركي لهذه الحرب، هناك بصمة أميركية على كل روح مدنية فقدت في اليمن».
من جهتها، قالت صحيفة «ذي غارديان» إن الحرب في اليمن «كانت ايجابية بالنسبة لمصانع الأسلحة البريطانية»، ففي السنة الأولى على القصف، وافقت بريطانيا على بيع سلاح للسعودية بقيمة 3.3 مليارات جنيه استرليني، وفقاً لحملة ضد تجارة الأسلحة. وفي سياق ذكر سبل الدعم البريطاني للحرب السعودية، أشارت الصحيفة إلى حضور المسؤولين البريطانيين في مركز القيادة والتحكم السعودي وأن هؤلاء بإمكانهم الوصول إلى لوائح الأهداف.
وبعد عرض الخسائر البشرية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية، قالت الصحيفة إن بريطانيا تتحمل مسؤولية كبرى عن هذه المعاناة، مثل الولايات المتحدة وفرنسا أيضاً. قوانين مبيعات السلاح البريطاني تنص على أن من غير الممكن بيع الأسلحة في حال وجود خطر واضح باستخدامها ضد القانون الإنساني الدولي. الحكومة البريطانية تقول إن نظامها التسليحي هو واحد من أكثر الأنظمة حذراً في العالم. وتابعت الصحيفة البريطانية بالقول إنه «بألطف قراءة ممكنة، إن القوات السعودية غير كفؤة في هجماتها، بل إنها غير مبالية بالضحايا المدنيين»، مشيرةً إلى أنه إلى جانب إمكانية وقوع المزيد من القتلى المدنيين ان «تفكك اليمن يجعل أرضه خصبة للمجموعات الجهادية، ما يهدد من هم خارج اليمن أيضاً».
(الأخبار)