منشور واحد على موقع «فايسبوك» كان كافياً لإحياء الجدل مرة أخرى بين أنصار «جماعة الإخوان المسلمون»، وذلك بعد مرور ثلاث سنوات، على فضّ رابعة العدوية، على يد قوات الجيش والشرطة. المنشور كان للإخواني أحمد المغير، الملقب بـ«فتى الشاطر» نسبة إلى خيرت الشاطر. واتهم المغير من سمّاهم «الخونة» من «إخواننا اللي فوق»، ويقصد بهم قيادات «الإخوان»، بسحب السلاح من الاعتصام ليلة الفضّ، وهو سلاح وصفه المغير بأنه كان «كافياً لصد الداخلية والجيش معاً»، لأنه لم يكن مجرد كلاشينكوفات وطبنجات، بل أكثر من ذلك، لدرجة أن «الاعتصام لم يكن بالإمكان فض نفسه نهائياً لو كان سلاحه ظل فيه قبل أن تأتي الهزيمة من الخونة داخلنا».رواية المغير أثارت جدلاً بعدما خالفت الرواية الرسمية الإخوانية بسلمية الاعتصام، وطابقت الرواية «الإعلامية» التي روج النظام، برغم أن الإعلان الرسمي على لسان وزير الداخلية السابق، اللواء محمد إبراهيم، تحدث عن ضبط «تسعة أسلحة آلية وطبنجة واحدة و5 فرد محلي» فقط.
رفض أنصار الجماعة هذه الرواية جملة وتفصيلاً، فيما احتفى بها الإعلام المصري، وعلى لسان المذيع أحمد موسى، فإن اعتراف المغير «أعطى أنصار الجماعة الإرهابية بالحذاء، وكشف كذبهم وفضحهم، كذلك صفع المجلس القومي لحقوق الإنسان على وجهه، بعدما علم الكل بوجود سلاح في رابعة، وأنها لم تكن سلمية». وتساءل: «سلمية إيه بقى!؟ كان معهم سلاح يكفي لتدمير البلد».
ووفق مصادر إخوانية، فإن موقع المغير ودرجته التنظيمية لا تسمح له بالاطلاع على هذه المعلومات عبر الطرق التنظيمية، خصوصاً أنه لم تسند إليه أي مسؤوليات تنظيمية داخل الجماعة. وبرغم كثرة تصدره للمشهد الإعلامي متحدثاً باسم شباب الجماعة، فإن كثرة إشكالاته بسبب أحاديثه، دعت المتحدث باسم الجماعة سابقاً محمود غزلان، إلى إصدار بيان نفى فيه انتماء المغير إلى «الإخوان»، بل أضاف أنه «شاب يحاول أن يلتصق بالجماعة (بالعافية)».
تضيف المصادر نفسها أن المغير لم يستند إلى أي شيء سوى اقترابه من رجل الجماعة القوي، خيرت الشاطر، برغم غياب الترحيب به داخل صفوف الجماعة. وحتى إن «حزب الحرية والعدالة» أعلن في بيان تبرؤه من المغير «الذي تستغله وسائل الإعلام ليتحدث باسم الجماعة». كذلك تتحدث المصادر عن واقعة حدثت قبل فض رابعة بعشرة أيام، وهي «زيارة وفد حقوقي للميدان للتأكد من خلوه من الأسلحة، وكونه اعتصاماً سلمياً، لكن المغير تشاجر معهم واشتبك بالسب والتطاول، قبل أن ينسحب الوفد».
حتى الآن، لم يصدر أي رد فعل رسمي من أجهزة الدولة حول تصريحات المغير، برغم الاحتفاء الإعلامي بها، خلافاً لما هو منتظر من الدعم والترويج لها، خصوصاً أن فض رابعة كما تعلم الدولة لا يزال «جرحاً مفتوحاً». وحتى في مواجهات الدولة مع الجماعات المسلحة في الصعيد خلال الثمانينيات والتسعينيات، كانت تحظى بدعم شعبي واسع النطاق، خلافاً لما جرى في «رابعة»، بغض النظر عن كونها مواجهة غير متكافئة بين طرفين، لكنها رسخت انحياز «سلاح» الدولة إلى أحد طرفين شعبيين منقسمين سياسياً.
ويظل غياب التعليق الرسمي على ما قاله المغير غامضاً، خصوصاً مع التراجع المتتالي في شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتراجع المرعب للاقتصاد المصري، وترقب الجميع موجات غلاء مقبلة، خصوصاً مع رفع الدعم الذي بشر به السيسي قبل أيام، في حين أن أحد الأهداف السياسية لفضّ الاعتصام كان زيادة تحشيد وتشبيك كتلة 30 يونيو، المتنافرة الأقطاب بالأساس. فهل يرغب النظام في عدم فتح الحديث عن «رابعة» وإماتة ذكراها، أم أن هناك من استخدم المغير لتخفيف الضغط على النظام بعد تصريح الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ومطالبته بفتح تحقيق حول فض اعتصامي رابعة والنهضة في آب 2013، وهو تصريح أتى على لسان المتحدث باسمه، فرحان حق؟