ما كاد الأمين العام لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، الأسير أحمد سعدات، يعلن مساندته، مع مجموعة من الأسرى، إضراب الأسير بلال كايد عن الطعام، حتى أعاد العدو الإسرائيلي سعدات إلى العزل الانفرادي، عقاباً له على تحركه الذي يحفّز باقي الأسرى من جهة، ويحرج آخرين من جهة أخرى.ومنذ 55 يوماً يخوض كايد إضرابه الانفرادي، الذي انضم إليه بعد 22 يوماً الأسيران الشقيقان محمد ومحمود البلبول (من حركة "فتح") ليكملا 33 يوماً متضامنيْن معه بأمعائهما الخاوية. وإلى جانبهما، أضرب عدد آخر من الأسرى، في مقدمتهم سعدات وآخرون من "الشعبية" وفصائل أخرى، علماً بأن هذه هي المرة الثالثة التي ينخرط فيها سعدات في الإضرابات التضامنية رغم نتائجها السلبية عليه.
وسعدات الذي تمارس بحقه سياسة القمع في سجن "ريمون"، أكد في رسالة قبل أيام استمراره في الإضراب حتى إنهاء الاعتقال الإداري بحق المضربين، خاصة أن كايد (42 عاماً) يُضرب عن الطعام بسبب تمديد سجنه بعدما أنهى مدة محكوميته (14 سنة ونصف سنة).
وتعاني الحركة الأسيرة من صعوبة التواصل، فضلاً عن الحاجة إلى وقت طويل لإقرار خطوات جماعية، لكن الضغط سيزيد على العدو في حال انضم إلى الإضراب أسرى آخرون من ألوان سياسية مختلفة أو من لهم ثقلهم الوطني.
ورغم انتماء الأسيرين البلبول إلى "فتح"، فإن أسرى الحركة لم يبادروا بعد إلى أي حراك تضامني على غرار أسرى "الجبهة الشعبية".
الإضرابات الفردية تجري بمعزل عن قرار تنظيم المُضرب والحركة الأسيرة

في الوقت نفسه، أنهى أسرى "حماس" إضرابهم عن الطعام بعدما توصلوا إلى اتفاق مع إدارة سجون العدو حول مطالبهم المتمثلة في تحسين الظروف المعيشية واستئناف الزيارات، وكذلك إخراج رئيس "الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس"، محمد العرمان، من العزل، وهذا الاتفاق كان بمعزل عن إضرابات كايد والبلبول.
لكن، ما استطاعت أن تحافظ عليه قضية الأسرى من حضور وسط الأحداث الساخنة، هو برأي متابعين فعلٌ لافت، ولا سيما عبر الإضرابات الفردية التي ساهمت في الحفاظ على الحد الأدنى من مستوى الاهتمام الفلسطيني بمطالب الأسرى وبهمومهم.
يشار إلى أن العدو اعتقل نحو 750 ألف فلسطيني حتى عام 2015 (أي ما نسبته 16% من إجمالي الفلسطينيين في الضفة وغزة)، وهذه المدة كانت زاخرة بإضرابات الأسرى الجماعية والموحدة. لكن بعدها، دشّن الأسرى الإضراب الفردي، وذلك لأسباب عدة، في مقدمتها الانقسام الفلسطيني الذي انعكس على الحركة الأسيرة.
جرّاء ذلك، لم يعد بمقدور الحركة الأسيرة اتخاذ قرار جماعي بالمواجهة الشاملة مع إدارة السجون، وهو ما يتكرر في إضراب بلال كايد والشقيقين محمد ومحمود البلبول، خاصة أن عملية التضامن معهم داخل السجون فردية، ومقتصرة في الحالة الأولى على أفراد التنظيم نفسه.
وبات لا يخفى أن جلّ حالات الإضراب الفردي (غالبيتها ضد سياسة «الاعتقال الإداري»)، كانت بمعزل عن موقف الفصيل الذي ينتمي إليه الأسير المضرب، فضلاً عن الموقف الجماعي للحركة الأسيرة، وهذا ما يشكل دليلاً إضافياً على التقصير الرسمي وحتى الفصائلي، وأحياناً الشعبي، تجاه أزمة الاعتقال الإداري.
مع استمرار كايد في إضرابه، ساءت الحالة الصحية له بشدة، وهو يرقد الآن في مستشفى "برزلاي" في مدينة عسقلان المحتلة. ووفق مصادر فلسطينية، فقد كايد القدرة على الكلام بنسبة 90%، إضافة إلى مشكلة في السمع لديه، ويرفض العدو فكّ قيود يديه رغم سوء وضعه الصحي.
إلى ذلك، يتواصل الحراك الشعبي التضامني مع الأسرى المضربين عن الطعام في الضفة المحتلة وقطاع غزة، حيث تستمر الفعاليات التضامنية في خيم الاعتصام التي أقيمت في مراكز المدن الفلسطينية. وأيضاً، أعلن يوم أمس عدد من الأسرى المحررين في الضفة والغزة بدء إضرابهم المفتوح عن الطعام، وذلك خلال احتجاج لهم أمام مقر "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" في كل من غزة ونابلس.