خسرت مصر من احتياطها النقدي ملياري دولار في شهر واحد، وهو احتياط يعاني رغم ودائع الخليج التي تشكل غالبيته؛ جراء ذلك، قررت الحكومة أن تقبض على عمليات الصرافة، ما أجبر شركات كبيرة على وقف خدماتها حتى إشعار آخر.وأعلن البنك المركزي، يوم أمس، انخفاض الاحتياطي النقدي بمقدار ملياري دولار خلال الشهر الماضي ليصل إلى 15.54 مليار دولار منها 12 ملياراً ودائع خليجية وصلت على صورة مساعدات خلال السنوات الثلاث الأخيرة، من دون توضيح كيفية حدوث ذلك.
هذا التراجع يأتي مفاجئاً مقارنة بالحديث عن الاستقرار وتفاعل عجلة الإنتاج وفق تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما أنه مستغرب في وقت تفاوض فيه الحكومة صندوق النقد الدولي للحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار يسلمه الصندوق في ثلاث سنوات.
ومن المتوقع الاتجاه إلى خفض قيمة الجنيه المصري مجدداً أمام الدولار الأميركي، رغم أن الآثار التي تركها خفضه قبل 4 أشهر تقريباً (بنسبة 13%) لم تنته بعد.
والمشكلة أن "صندوق النقد" يضغط ليصل الخفض إلى 40% خلال عام ونصف عام، وهو الرقم الذي يرى فيه وفد الصندوق، الذي يزور مصر، أنه "سعر عادل" للجنيه حالياً، فضلاً عن مطالبته برفع الدعم الحكومة عن عدد من السلع والخدمات خلال السنوات المقبلة كلياً، وإلا سيتوقف صرف الدفعات في المواعيد التي سيتفق عليها لاحقاً، وكل ذلك ضمن مفاوضات محاطة بسرية كاملة.
بالتوازي مع ذلك، تواصل الحكومة سياسة خنق العملة الأجنبية في تنفيذ مباشر لتوجيهات السيسي بضرورة أن يكون التعامل بهذه العملات داخل البنوك، وهو امتداد لإغلاق البنك المركزي نحو 50 شركة صرافة، منها نحو 20 بصورة نهائية، وذلك بتهمة التلاعب بسعر الصرف.
ووفق متعاملين في الصرافة، فإن حركة البيع والشراء توقفت خلال الأيام الماضية في ظل زيادة الحملات الأمنية ودهم الشركات وكذلك ملاحقة المتعاملين من دون فواتير، الأمر الذي زاد فارق البيع والشراء بين الدولار والجنيه ليصل إلى نحو 0.50 قرش، علماً بأن سعر الصرف في البنك أقل من تسعة جنيهات، فيما يصل إلى 12.40 في السوق المحلية، وأحياناً إلى 13 جنيهاً بسبب المجازفة في التعاملات.
كذلك، فإن صرّافين كثيرين صاروا يعملون لفترة مناوبة واحدة، إضافة إلى التوقف عن عمليات البيع والاكتفاء بالشراء من العملاء مقابل إصدار فواتير عن تفاصيل المعاملة بالسعر الرسمي.
وفي أحاديث متفرقة مع "الأخبار"، فإن مالكي شركات صرافة تحدثوا عن دهم أمني للعملاء خارج المحال للتأكد من إتمام المعاملات بالسعر الرسمي ووجود الفواتير، وإلا يلقى القبض على المتعامل ويغلق محل الصرافة، فضلاً عن مصادرة الأموال من الطرفين لتجنيبهما إقامة دعوى قضائية تعرض صاحبها للحبس لمدة ثلاث سنوات.
ولجأ عدد من شركات الصرافة إلى التعامل عبر الهاتف مع عملائهم فقط وبأسعار جيدة للمبالغ المالية الكبيرة، شرط أن تكون من الفئات الكبرى، علماً بأن محالّ عادية بدأت في الإتجار بالعملة عبر متعاملين سابقين أغلقت شركاتهم. وبحق هؤلاء، بدأت شرطة الأموال العامة إجراءات مكثفة للقبض عليهم ومصادرة أموالهم.
وتشهد البنوك المصرية حالة عزوف شعبي عن استبدال الأموال بسبب الفارق المغري بين السعر الرسمي والسوق السوداء، علماً بأن كثيرين من المصريين العاملين في الخليج بدأوا بإرسال مدخراتهم بالدولار بديلاً من العملات الخليجية للاستفادة منها بسعر السوق السوداء.