أثار اتفاق «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» على تشكيل مجلس سياسي لإدارة البلاد، غضباً واسعاً لدى حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي ودول التحالف السعودي. فالاتفاق الذي يرمي إلى سدّ الفراغ السياسي في البلاد، عدّته حكومة هادي تهديداً إضافياً لـ«شرعيتها»، في ظل التحشيد المستمر للقوات الموالية لها في مختلف الجبهات، وخصوصاً جبهات صنعاء. وبعد إعلان جهات مقربة من الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، ومن وفد الرياض «نهاية المشاورات»، حاولت الدول الـ18 (الراعية للتسوية في اليمن) إنقاذ المحادثات من الإلغاء أو التأجيل مرة أخرى، إذ شهد قصر بيان الكويتي يوم أمس، لقاءات عدة في هذا الإطار.
عضو وفد صنعاء إلى المحادثات، حميد عاصم، أكد أن الاجتماع بين الوفد وولد الشيخ سيحدد مصير المحادثات، متوقعاً أن تمدد هذه الجولة. وفي حديث إلى «الأخبار» (علي جاحز)، أشار عاصم إلى حديث وفد الرياض عن «انهيار المشاورات، مؤكداً أن «من يتكلم عن انهيار المشاورات هو من يعترف في غرف مغلقة من فترة طويلة بأنه عاجز وليس بيده أي من مقومات للتشاور ولا يمكنه أن يوقّع أي اتفاق».
وقال عاصم إن الطرف الآخر يخاف من التوصل إلى حلول، لأنه يعتقد أن مستقبله يتمثل في استمرار الحرب «وفي تدفق الأموال إلى جيوبهم وحساباتهم المصرفية»، فيما هم يعتقدون أن عودتهم إلى الوطن أصبحت شبه مستحيلة بسبب رفض الشعب لهم، «ولأنهم فشلوا في بسط سيطرتهم حتى على كيلومتر مربع واحد في عدن».
وفي ما يتعلق بتأثير توقيع «اتفاق صنعاء» بإمكانية التوصل إلى اتفاق حلّ في الكويت، أوضح عاصم أنه في ظل استمرار الوضع «المفخخ بالمماطلة والتسويف والقصف والتحشيد واستمرار العدوان والحصار الشامل»، فإن اتفاق صنعاء السياسي قد أتى ليملأ الفراغ ويدير الدولة ويدير الدفاع عن الوطن. وكشف عاصم أنه في حال التوصل إلى اتفاق في المشاورات، فإن الاتفاقات المقبلة هي ما سيحل محل الاتفاق الموقَّع أمس في العاصمة صنعاء.
وفي شأن الضغط الدولي الحاصل حالياً لإنقاذ المشاورات، أكد عاصم أن نتيجة ذلك ستتضح في الأيام القليلة المقبلة بعد حزمة اللقاءات التي سيجريها وفد صنعاء مع بعض السفراء ومع ولد الشيخ.
وكانت حكومة هادي قد عدّت الاتفاق نسفاً للمساعي السلمية، ورأى المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أنه يقوض مساعي السلام، فيما أكد المتحدث الرسمي باسم «أنصار الله» أن الاتفاق بين القوى الوطنية، وفي مقدمتهم «أنصار الله» وحزب «المؤتمر» وحلفائهما، هو نتيجة طبيعية لمواجهة كل التحديات التي تواجه الشعب اليمني، ولا يبدد مساعي السلام، بل يعزّز المواقف الداخلية ويوحّدها تجاه السلام.
من جانبه، استغرب رئيس المجلس السياسي لأنصار الله صالح الصماد، موقف ولد الشيخ الذي أبداه من الاتفاق، فيما «هو لم يبدِ أي قلق تجاه المجازر التي ارتكبها العدوان وميليشيات هادي بحق الشعب اليمني». أما حزب «الإصلاح» فأكد أن هذا الاتفاق «فضّ» كل جهود السلام وأخلّ بالتزامات الحركة والحزب اليمنيين بقرار مجلس الأمن الذي طالب بالامتناع عن اتخاذ المزيد من الإجراءات الأحادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن. وأشار الحزب الإسلامي إلى أن اتفاق الشراكة ناتج من عدم تنفيذ القرار الدولي ومعاقبة «أنصار الله وصالح»، مطالباً دول التحالف بتغيير أسلوب التعامل مع هاتين الجهتين، في إشارةٍ منه إلى الاكتفاء باستخدام القوة ووقف المساعي السلمية.
على المستوى الميداني، قتل ستة جنود سودانيين و11 من القوات الموالية لـ«التحالف» غربي مدينة تعز يوم أمس، إثر استهداف عربتهم المدرعة بصواريخ من قبل الجيش و«اللجان الشعبية» في قرية الحريقية. وأفادت المصادر بأن مواجهات عنيفة كانت قد اندلعت صباح أمس بين قوات هادي وقوات التحالف المساندة لها من جهة، وقوات الجيش و«اللجان الشعبية» في منطقة الحريقة جنوب ذوباب، بعدما دفع «التحالف» بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى جنوبي منطقة ذو باب لتفجير الأوضاع بالقرب من باب المندب مجدداً.
وفي جبهات مديرية نهم شرقي العاصمة صنعاء، تواصلت المواجهات بين قوات الجيش و«اللجان الشعبية» وبين القوات الموالية لهادي وسط إسناد جوي كثيف من قبل طيران التحالف في محيط جبلي قذاف وظافر.