تتفاقم في مصر يوماً بعد يوم أزمة نقص العملة الصعبة بصورة غير مسبوقة، في ظل استمرار حالة الترقب التي تسبب فيها محافظ البنك المركزي بسبب تصريحاته عن تخفيض جديد للجنيه خلال الأيام المقبلة.وسجلت معاملات السوق السوداء عن كل دولار سعر 12.50 جنيهاً للبيع، و12.60 للبيع، وذلك بسعر أعلى من سعر البنك بنحو 40%، وسط ترقب بين حائزي العملة الأميركية للسعر الجديد الذي يقول خبراء اقتصاديون إنه يقترب من 10 جنيهات، مقابل 8.90 في البنوك خلال الفترة الحالية.
يأتي ذلك في وقت يتوقع فيه خبراء الاقتصاد زيادة في الأسعار تقترب من 20% مع عجز البنك المركزي عن توفير الدولار للمستوردين، بالإضافة إلى زيادة أخرى في أسعار السيارات وجميع الخدمات، وخاصة أن أسعار السلع الأساسية ارتفعت في الأيام الماضية بنسبة تتجاوز 10% تأثراً بارتفاع صرف الدولار.
لكن رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب، علي مصيلحي، وصف أزمة الدولار بـ«المفتعلة والهوجاء»، قائلاً في تصريحات صحافية أمس، إن الدولار «تحول إلى سلعة تتاجر فيها فئات ليس لها أي علاقة بالعملة الأميركية وتتربح بطريقة غير شرعية».
وأضاف مصيلحي أن البنك المركزي مستمر في تمويل العمليات الاستيرادية للسلع الأساسية والاستراتيجية مثل القمح وزيوت الطعام والأدوية وألبان الأطفال وغيرها، مشيراً إلى أن محافظ البنك المركزي، طارق عامر، أطلع نواب اللجنة الاقتصادية على إجراءاته الدورية التي يتابع من خلالها البنوك. كما نقل تعهد عامر بتلبية كل الطلبات للإبقاء على أسعار السلع في الأسواق كما هي.
توفير مصادر للعملة الصعبة في ظل توقف المواطنين عن استبدال العملات الأجنبية في البنوك (لانخفاض سعرها مقارنة بالسوق الموازية وتضييق عمليات السحب من الخارج) زاد الأزمة، ولا سيما مع ترقب العطاء الأسبوعي الذي سيطرحه البنك المركزي صباح غد الثلاثاء للبنوك، ويتحدد عليه سعر الصرف الرسمي، علماً بأن «المركزي» خالف التوقعات وتصريحات محافظه بشأن تعديل السعر وأبقاه من دون تغيير.
يأتي ذلك في وقت لا تزال فيه مفاوضات غير رسمية بين الحكومة المصرية والبنك الدولي مستمرة من أجل الحصول على قرض تقترب قيمته من سبعة مليارات دولار على عدة دفعات من أجل إنقاذ الاقتصاد من عثرته. يرافق ذلك تحركات من وزارة السياحة لجذب المزيد من السائحين وتعويض غياب السائحين الروس نتيجة الحظر المفروض من موسكو.
في سياق آخر، تعاقدت وزارة الاستثمار، مع شركة «إن آي كابيتال» (إحدى الشركات المملوكة لبنك الاستثمار القومي التابع للدولة)، لتكون مستشاراً للوزارة في إعداد برنامج الطروحات الخاص بشركات وببنوك مملوكة للدولة، وهو البرنامج الذي تهدف الحكومة منه إلى جذب المزيد من الدولارات عبر طرح جزء من رأسمال بعض الشركات الحكومية للاكتتاب في البورصة المصرية وبورصات دولية، لكن تحت إشراف لجنة تتكون من وزير المال عمرو الجارحي، ووزير الاستثمار داليا خورشيد، ونائب محافظ البنك المركزي لبنة هلال.
وقالت خورشيد إن برنامج الطروحات «يأتي في إطار خطة الدولة لتنويع مصادر الاستثمارات والدفع بمعدلات النمو، وذلك بجذب استثمارات محلية ودولية غير مباشرة بما يقارب 10 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة».
وبمقتضى العقد الموقع بين الوزارة والشركة، ستقدم «إن آي كابيتال» خدماتها الاستشارية على مرحلتين: مرحلة الإعداد الأولى تستغرق نحو ثلاثة أشهر، والمرحلة الثانية التنسيق مع بنوك الاستثمار المعيّنين.