أظهر إعلان السلطات العراقية أنّ قواتها تبعد أقل من 65 كم عن مركز مدينة الموصل بعد التقدم الخاطف الذي أحرزته خلال الأسابيع الماضية، والذي تمثل بتحرير قاعدة القيارة، حجم الخلافات و«التناحر» بين بغداد وأربيل بشأن معركة الموصل، ومصير المدينة بعد تحريرها من سيطرة «داعش»، حيث يطالب إقليم كردستان بضم مناطق متنازع عليها.وكان لافتاً التصريح الذي أدلى به وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، على هامش مشاركته في اجتماع «التحالف الدولي» في واشنطن، عن أن بغداد لن تسمح لقوات البيشمركة بالمشاركة في تحرير الموصل أو دخول المدينة، بحسب ما أوردته وكالة «رويترز». ولم يعرف عن العبيدي دخوله في صدام أو تصعيد مع الأكراد منذ توليه منصبه عام 2014.
وأصدرت وزارة الدفاع، أمس، اي بعد مرور يومين على التصريح، توضيحاً لم تنفِ فيه التصريحات، لكنها قالت إن «المعلومات التي أوردتها رويترز غير دقيقة». وأوضح البيان أن «مضمون تصريح الوزير وتأكيده الدائم بشأن مشاركة القوات المقاتلة، مهما كانت مسمياتها، سيجريان طبقاً للخطط العسكرية الموضوعة وقرار القائد العام للقوات المسلّحة (رئيس الوزراء حيدر العبادي)».
السماح لـ«الحشد» بالمشاركة في تحرير الموصل والشرقاط

وبحسب مصادر مطلعة على تفاصيل اجتماعات جرت بين المركز والإقليم بشأن معركة الموصل، فإن تصريح العبيدي جاء على خلفية قرار مبدئي اتخذته بغداد بعدم إشراك قوات البيشمركة في تحرير الموصل، وذلك بسبب شروط «استفزازية» وضعها رئيس الإقليم مسعود البرزاني. وأوضحت المصادر لـ«الأخبار» أن البرزاني «فرض» عدة شروط على العبادي مقابل مشاركة البيشمركة في المعركة المرتقبة، أبرزها ضم المناطق التي سيحررها الأكراد للإقليم.
وأشارت المصادر إلى أن من بين شروط البرزاني «عدم خضوع القوات الكردية إلى أمر بغداد، أو حتى قيادة العمليات المشتركة التي تضم التحالف الدولي»، مؤكدة أن المسؤولين في بغداد أبدوا استياء كبيراً من هذه الشروط، وقرروا عدم السماح للبيشمركة بالاشتراك في عملية التحرير.
وأكد النائب عن «التحالف الوطني» علي البديري صحة تلك المعلومات، مشيراً إلى أن الاجتماعات عقدت بين الجانبين خلال الأيام القليلة الماضية، وأدت إلى هذه النتائج. ولفت، في حديث لـ«الأخبار»، إلى أن القيادة العراقية ستتعامل مع قوات البيشمركة كـ«قوة إرهابية وخارجة عن القانون»، إذا اعترضت طريق القوات العراقية من محور مخمور الذي تسيطر عليه.
كذلك، لفت إلى أنه، وعلى ضوء الشروط الكردية المذكورة، قرّرت قيادة العمليات المشتركة السماح لقوات «الحشد الشعبي» بالمشاركة في تحرير الموصل، فضلاً عن الشرقاط المحاذية للمدينة، وهو ما أقرّ به المتحدث الأمني باسم «الحشد» يوسف الكلابي، الذي أكد في حديث لـ«الأخبار»، صدور موافقة العبادي بمشاركة قواته في عمليتي الشرقاط والموصل.
أما الأكراد، فقد اكتفوا من جانبهم، وعلى لسان وكيل وزارة البيشمركة جبار ياور، بالتأكيد على مشاركة القوات الكردية في معركة الموصل، والدخول إلى قلب المدينة، وذلك خلال تصريح أدلى في معرض رده على كلام العبيدي.
في غضون ذلك، لم تعلق واشنطن على المسألة، مكتفية بالإشارة إلى أنّ الخلاف حول المناطق المحرّرة بين بغداد وأربيل «سياسي». وقال المبعوث الأميركي لـ«التحالف» بريت ماكغورك، امس، إنّ «التحالف الدولي» «خطط جيداً» لمعركة الموصل، خلال اجتماعه الأخير في واشنطن، مشيراً إلى إمكانية انطلاق معركتي الموصل والرقة في وقت واحد. في المقابل، رأى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري أن «التصادم» بين البيشمركة والجيش العراقي غير وارد، عازياً سبب ذلك إلى اعتبارات عدة أبرزها الخلافات بين القوى الكردية. الشمري قال لـ«الأخبار»، إنه «بالرغم من اتفاق التفاهم بشأن التنسيق في معركة تحرير الموصل، إلا أن هناك جهات ترى فيه خسارة لحلم الدولة الكردية، وبالتالي بدأت تتخذ موقفاً أكثر تشدداً بالنسبة لتقدم القوات العراقية نحو الموصل ومحيطها». وأكد أن «العبادي لن يمضي بصدام مع البيشمركة أو أي فصيل منها، لكونه يبحث عن تفاهمات سياسية وفق الدستور، وبما يؤمن الجبهة الداخلية ويجعلها متماسكة»، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن «الفاعل والضاغط الخارجي الإقليمي والدولي لن يسمح بتصادم كهذا... التنسيق سيكون حاضراً بين الطرفين، لكن التصعيد جزء من أدوات الضغط».