داخل أحد المواقع العسكرية الخاصة بـ"كتائب الشهيد عز الدين القسام"، الجناح العكسري لحركة حماس، جلس المئات من الفتية المشاركين في مخيمات "طلائع التحرير"، لتلقّي محاضرة عسكرية نظرية. في الوقت نفسه، كانت مجموعة أخرى تتدرب على وضعيات استخدام سلاح الكلاشنكوف، بينما تجول مجموعة ثالثة داخل أحد الأنفاق الذي فُتح أمام الزائرين .على طريقة "الباسيج" (الجيش الشعبي في إيران)، أو الجيوش الاحتياطية التي تعدّها الجيوش النظامية، أعلنت دائرة التدريب العسكري في القسام المشرفة على هذه المخيمات في بيان أن "المخيمات ستشمل التدريبات والمهارات العسكرية، والرماية بالذخيرة، ومهارات الدفاع المدني، إضافة إلى المواعظ ونماذج البطولة". وتهدف هذه المخيمات التي تقام للعام الثالث على التوالي، بحسب "القسام"، إلى "زرع القيم الإسلامية وإعداد جيش النصر المرتقب لتحرير فلسطين". وبخلاف المخيمات الحزبية التي تقيمها الفصائل بشكل سنوي، تعتبر مخيمات "الكتائب" أكثر جدية، إذ توجد كوادر عسكرية لتأهيل "جيل التحرير" روحياً وعقلياً وبدنياً وسلوكياً، لأداء دورهم في معركة التحرير المقبلة، كما يقول المعنيون بها.
هذا العام، حمل المخيم اسم "أجناد القدس"، وترى فيه "القسام" وسيلة لتنشئة الجيل القادم على قيم المقاومة ومبادئها، إذ سيتربى نحو 30 ألف مشارك على مبدأ: "ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"، وسيكون شهداء المقاومة المثال والقدوة للمشاركين ضمن فقرات التعبئة الجهادية. وبحسب "الكتائب"، قُسم المشاركون في المخيمات إلى فئات عمرية عدة، تبدأ بمن بلغ 15 عاماً، وصولاً إلى ستين عاماً.
وتخضع كل فئة لبرنامج تدريب خاص بها، ويتوزع المشاركون على 25 مخيماً منتشرة في قطاع غزة، ويجري تدريب المشاركين على مرحلتين تمتد كل منها أسبوعاً. ويشارك في المرحلة الأولى، التي انطلقت الأسبوع الماضي، المراهقون وكبار السن، فيما يشارك في المرحلة الثانية الفتيان.
افتتحت كتائب القسام أحد أنفاقها العسكرية أمام الزائرين

وقال أبو حمزة، أحد المدربين العسكريين في المخيمات، إن "الإقبال على المخيمات كان كثيفاً، وبعض الأهالي أصرّوا على تسجيل أبنائهم، ما دفعنا الى تمديد التسجيل واستيعاب أعداد أكبر". وتابع المدرب الملثم قائلاً: "الفتية يتدربون بهمّة ونشاط ومعنويات عالية، وستخرّج هذه المخيمات جيلاً قادراً على مواجهة جيش الاحتلال".
ورغم أن عدداً من الفصائل العسكرية الأخرى اتّبعت سنّة القسام في إقامة مخيمات صيفية تدريبية للفتية، إلا أن "طلائع التحرير" لاقت صدىً إعلامياً لافتاً في الإعلام الإسرائيلي الذي واكب تغطية المكتب الإعلامي للكتائب لهذه المخيمات. وكان ظاهراً اهتمام المقاومة في إيصال الرسالة عبر نشرها صوراً دورية تظهر حجم المشاركة الكثيفة من الفتية وكبار السن.

"مليتا"... شرق الشجاعية


أما الحدث الأكثر بروزاً في مخيمات طلائع التحرير هذا العام، فكان إقامة القسام معرضاً عسكرياً على طريقة معلم مليتا السياحي الذي شيّدته المقاومة في لبنان على أحد جبال الجنوب، وعرضت فيه عدداً من الأسلحة التي استخدمتها في حرب تموز عام 2006، إضافة إلى بقايا الآليات الإسرائيلية العسكرية التي دمّرها مقاتلو حزب الله. وأُقيم المعرض القسامي في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وشهد الحي عدداً من عمليات المقاومة ونال حظاً وافراً من الدمار خلال حرب عام 2014.
وضم المعرض عينة من الصواريخ الذي صنعتها الكتائب، بدءاً من صاروخ "قسام 1" الذي لم يتجاوز مداه 5 كيلومترات وصولاً الى صاروخ "R160"، الذي ضربت به مدينة حيفا في حرب غزة الأخيرة.
كذلك عرضت الأسلحة المضادة للدروع والتحصينات، إضافة إلى مجسم لطائرة من دون طيار من نوع أبابيل وعدد من الأسلحة المضادة للطائرات. إلا أن أكثر ما شكل اهتماماً للزائرين كان افتتاح "القسام" لنفق استخدمته المقاومة في وقت سابق ضد العدو. وتناولت الصحافة العبرية الحدث، ورجّحت أن يكون النفق المعروض معدّاً للدفاع وليس نفقاً هجومياً يصل إلى أحد مواقع الجيش الصهيوني العسكرية.