تقترب مسيرة الشهرين من الاشتباكات بين «قوات سوريا الديموقراطية» و«داعش» في منبج وريفها، في ريف حلب الشمالي الشرقي، من الانتهاء. يلوح في الأفق قُرب ختام معركة «كسر العظم» واستنزاف الطرفين، في ظلّ توقعاتٍ بقبول التنظيم لمبادرة وجهاء المدينة، والانسحاب منها.ورغم مهلة الـ48 ساعة التي منحتها «قسد» لمسلحي «داعش»، المحاصرين في المدينة، للانسحاب منها، إلا أن وتيرة الاشتباكات لم تهدأ منذ أمس، في محاولة من «قسد» للضغط على مسلحي التنظيم، وإجبارهم على قبول المبادرة.
وقدّم وجهاء منبج المبادرة «الإنسانية»، وقد حصلت «الأخبار» على تفاصيلها، وهي تنصُّ على بنود عدّة، أهمها: «إيقاف شامل لكامل العمليات العسكرية في مدينة منبج ومحيطها، ووقف إطلاق النار من طرفي النزاع المتمثلين بالمجلس العسكري لقوات سوريا الديموقراطية والدولة الإسلامية، وإطلاق سراح جميع المدنيين عند الطرفين، والبدء فوراً بإطلاق المدنيين المحتجزين». وتضمنت البنود «تأمين انسحاب آمن لمقاتلي الدولة الإسلامية، بسلاحهم، باتجاه مدينة الرقة أو مدينة مسكنة، مع تعهّد الأخير بعدم تفخيخ الممتلكات، وتقديم خرائط بالألغام داخل المدينة إن وجدت، تفادياً لوقوع حوادث تضرّ بالسكان». أما «مجلس منبج العسكري»، فيتولى بحسب المبادرة «شؤون المدينة وإدارتها وضبط أمنها».
تأمين انسحاب آمن لمقاتلي «داعش» باتجاه الرقة أو مسكنة

ورفضت قيادة «قسد» في بداية الأمر المبادرة، لعدم وجود ضوء أخضر من «التحالف»، ورغبة منها في التخلّص من أكبر عدد ممكن من مسلحي التنظيم في المدينة، وتسهيل عملية اقتحام جرابلس والباب لاحقاً. إلا أنها عادت وقبلت بها بعد مجزرة قرية التوخار، شمالي منبج، وخشيتها من الوقوع في فخ استهداف المدنيين، حيث لا يزال أكثر من عشرة آلاف منهم داخل منبج وحدها، إضافة إلى تخفيف خسائرها البشرية اليومية.
وبإعلانها قبول مبادرة وجهاء العشائر، رمت «قسد» الكرة في ملعب «داعش» الذي لم يُظهر، حتى الآن، أي موقف كان، سلبياً أو إيجاباً. إلا أن المرجّح أن يوافق التنظيم على المبادرة وينسحب من المدينة، للحفاظ على أرواح المئات من عناصره داخلها، وينقلهم لتعزيز خط دفاعه عن معقله الرئيس في الرقة، بسحبهم باتجاه بلدة مسكنة، في ريف حلب الشرقي.
ويرجّح قبول التنظيم بالمبادرة، بعد أن فشلت كل محاولاته لفتح طريق إمداد نحو مسلحيه المحاصرين في المدينة، واستحالة نجاحه في ذلك، في ظل الغارات المكثّفة لطائرات «التحالف»، التي أفشلت كل مخططات التنظيم في محيط المدينة.
ويبدو أن قرار «قسد» بالموافقة على مبادرة الانسجاب، إقرار منها بقرارها الخاطئ، مع حلفائها في «التحالف»، بتطويق المدينة من جهاتها الأربع، وعدم ترك طريق انسحاب لمسلحي التنظيم من منبج، كما حصل في الهول والشدادي، ما أدّى إلى ارتفاع خسائرها بشكل كبير، إلى حدّ يوازي حجم الخسائر في معارك «كوباني» (عين العرب)، منذ قرابة عامين.
القبول بالمبادرة قرار يأتي لمصلحة الطرفين، إلا أن قرار استمرار المواجهات لا يزال ضمن الخيارات. وفي حال استمرت المواجهات، فذلك يعني دماراً شبه كاملٍ للمدينة، وحرب استنزاف طويلة، في ظل تمترس «داعش» داخلها، وفرضه حمل السلاح على المدنيين الذين سيكونون حطب هذه المعركة التي غالباً ما تستغرق أياماً طويلة أكثر، وتؤخّر أي تحرك كردي ــ أميركي للتوغل أكثر في ريف حلب الشمالي، وإنهاء وجود «داعش» فيه.