الأهوار على لائحة التراث العالمي: استنهاض الجنوب السومري

  • 0
  • ض
  • ض

ضمّت «اليونيسكو» الأهوار إلى قائمة التراث العالمي، الأمر الذي لاقى صدى كبيراً وأعطى بصيص أمل للعراقيين، في الوقت الذي تعاني فيه بلاد الرافدين ويلات السياسة والإرهاب والاقتصاد المتأزم

بغداد | ليس كلاماً إنشائياً أو سفسطة فارغة في مقرّ حزب فاسد تزيّنه النقوش والزخارف الإسلامية، إنه مكسب عراقي وإعادة اعتبار لبيئة منسية وإرث يتداعى من الإهمال والحروب على مدار عهدين، بين «بعث الدم» و«أحزاب الطوائف القاتلة».

«اليونيسكو» في اجتماعها المنعقد في إسطنبول (الدورة الأربعون)، قبل أيّام، صوّتت على ضمّ عدد من الأهوار والمدن الأثرية إلى لائحة التراث العالمي. حدث تاريخي زاحم الكآبة الرافدينية، بعد مجزرة الكرّادة، التي عمّمت المرارة على الألسن. قائمة الأهوار التي صُوّت عليها، اشتملت على الأهوار الوسطى والحمّار الشرقي والغربي وهور الحويزة، مع ثلاث مدن أثرية هي: أور والوركاء وأريدو. إن إدراج هذه المسطحات المائية العذبة وما معها من مناطق، يضعها في قلب صورة جديدة، ويضمن ــ بالنسبة إلى الأهوار ــ منسوباً ثابتاً للمياه برعاية ورقابة دوليتين تُفرض على الجوار الجغرافي للعراق، وما يلي ذلك من إعادة النظر في خلق مواسم سياحية إلى آثار تتوزع بين محافظتي الناصرية والمثنى. كانت الأنباء تتوالى، والفضائيات المحلية تتابع الحدث المرتقب في انتظار الخبر الحاسم، ولم يكن هناك في النهاية غير عقبة تركية، للخشية من تأثير تمرير التصويت على التحكم في مناسيب المياه. في المحصلة، جرى تجاوز الاعتراضات باتصالات حثيثة مع أنقرة وبحماسة اللجنة العراقية وحراكها بين عدد من ممثلي الدول الـ171 في الاجتماع، الذين رفض بعضهم التصويت لمصلحة الانضمام في بداية الأمر. معنى الحدث، أن هذه المواقع ستكون خارج العبث واللامبالاة الرسميّة المعتادة في العراق، ويُفترض أن تكون بعيدة مستقبلاً عن بيروقراطيات الإدارة المعروفة عندنا، فلا بد من برامج عمل تتعلق باستثمار المناسبة اقتصادياً، وتعزيز التنوع الإحيائي في المحميات الطبيعية حصراً، وأن يعدّ التصويت على المدن الأثرية الثلاث نقطة نظام نرفع فيها الأيادي للتذكير بقيمة ما على هذه الأرض، وتقديم العراق بهويته الحضارية في المحافل الدولية، لا هويات الجماعات الطائفية والقومية التي فشل جميعها في تسويق مشروعه، بالشعارات الكاذبة والصلوات الجماعية الشكلية، خصوصاً في ظل إعادة التقييم اللاحق لانضمام الأهوار في كانون الأول 2017.
تهانئ ومظاهر فرح ابتدأت من قاعة الاجتماع حتى محافظتي الناصرية والمثنى، معقلي الحضارة المحتفى بها، وقراءات لما بعد بلوغ اللائحة العالمية، ومن ثم إطلاق لمبادرات، منها مطالبات بتغيير اسم محافظة المثنى إلى «أوروك»، تماشياً مع التطلع الجديد والاحتفاء العالمي به.
التحيّة التي يجب أن توجه اليوم، هي إلى اللجنة المشرفة على إعداد الملف، لجهودها طوال أشهر مرت، والتحذير الذي نطلقه ومن الضروري الإصغاء إليه، بألا يبقى المشروع رهين السلطة الحكومية، بل بفسح المجال أمام الشركات والخبرات في القطاع الخاص، لأنها الضامن لتحقيق نسبة من النجاح. كثيرة هي مظاهر التعبير عن الفرح الكبير، وأكثر منها الكتابات و«البوستات» المرحّبة بالمستجد التاريخي، ومن بين ذلك، يبقى ما كتبه الشاعر جمال علي الحلاق على «فايسبوك» مشاكساً وحاداً، ارتباطاً بالعراق القديم ونظيره الحالي ما بعد نيسان 2003: «إدراج الأهوار ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي يعني استعادة تاريخ العراق المسكوت عنه، ويتضمن إقراراً بلا إسلامية العراق، وأن الإسلام جزء من التاريخ، والجزء لا يساوي الكل ولا يعنيه تماماً. سعيد بصعود الجنوب السومري، جنوب ما قبل الأديان، جنوب الفطرة، وجنوب السؤال».

0 تعليق

التعليقات