بينما كان وكيل «الأزهر الشريف» في مصر، عباس شومان، يناقش الأفكار المستقبلية ويتحدث عن الإسلام الوسطي في خلال ندوة في الإسكندرية، كان الآلاف من طلبة الثانوية العامة يقدمون تظلمات لإعادة تقويم أوراقهم في امتحانات الثانوية، بعدما سجلت الثانوية الأزهرية نسبة رسوب وصلت إلى 60%، ما حرم أكثر من نصف الطلاب محاولةَ دخول الدور الثاني.واعتاد عدد كبير من طلبة الأزهر اجتياز الامتحانات في الدور الثاني، لكن شومان، وهو المعنيّ بالملف التعليمي، أصدر قراراً بحرمان من يرسب في ثلاثة مواد دخولَ الدور الثاني، أسوة بالتعليم النظامي.
الطلاب دعوا إلى توقيع «استمارات تمرد» من أجل المطالبة بعدول وكيل الأزهر عن قراره، وسط «مخاطبات إنسانية» لشيخ الأزهر، أحمد الطيب، بالتدخل واحتواء الأمر. لكن شومان رأى أن ما يحدث هو نتيجة «التطوير الذي سنجني ثماره لاحقاً»، رافضاً العدول عن القرار، ما سيجعل آلاف الطلاب يضطرون إلى إعادة العام الدراسي كاملاً.
التزم الطيب الصمت تجاه الأزمة التي تهدد مستقبل التعليم الأزهري

ويدافع شومان عن القرارات الأخيرة، على اعتبار أنها «الوسيلة الوحيدة لتطوير التعليم الأزهري والتخلص من أزمات تراكمت عبر سنوات»، لكنه تغافل عن التكدس في الفصول الدراسية بسبب رسوب الطلاب وانضمام طلاب الدفع القديمة إلى الدفع الجديدة في الفصول الدراسية نفسها، مع بقاء أعداد المدرسين والفصول دون تغيير. كذلك فإن عدداً من الراسبين كانوا من قبل عام، ما يعني أن هؤلاء قد تنتهي مسيرتهم التعليمية العام المقبل إذا لم يجتازوا الامتحانات.
و«الثانوي الأزهري»، الذي ارتفعت نسبة النجاح للدور الأول فيه من 28% العام الماضي إلى 40% حالياً، يعاني خللاً واضحاً في النظام التعليمي، وهو ليس محصوراً في كثرة مواد الفقه والتشريع التي يدرسها الطالب، أو محدودية الأماكن التي يلتحق بها في الجامعة، ولكنه متصل أيضاً بضعف أداء المعلمين ومشكلات كثافة الفصول وعمليات الغشّ الجماعي التي تحدث في المراحل التي تسبق الثانوية، إلى حدّ أن طلاب «الإعدادي الأزهري» لا يجيدون القراءة والكتابة، وهي ظاهرة مستشرية في المدارس الأزهرية، خاصة في المناطق النائية.
ويمتلك الأزهر مؤسسات تعليمية كبيرة، لكنه ليس بعيداً عن مشكلات في المناهج الدراسية التي يبدو أن بعضها ليس له علاقة بالواقع، بالإضافة إلى تركيزها على الحفظ والتلقين والمحسوبية في النجاح ضمن الامتحانات الشفهية التي تشكل جزءاً كبيراً من المواد الإضافية عن المناهج الرسمية. لكن معاهده تحظى بسمعة طيبة في القرى الأكثر فقراً باعتبارها تحمل اسم «منبر العلم والإسلام»، وهو مفهوم لا يزال سائداً في عدد كبير من تلك القرى، وخاصة في الصعيد.
رغم كل ذلك، لا رؤية واضحة للأزهر في التعامل مع الطلاب الذين يشعرون بضياع مستقبلهم وصعوبة انتقالهم إلى النظام التعليمي العام بالإضافة إلى المشكلات الأسرية التي ستترتب على رسوبهم، فيما التزم أحمد الطيب الصمت تجاه الأزمة التي تنذر بخروج عدد كبير من الطلاب إلى التعليم العام بدلاً عن الأزهري.
في سياق متصل، طلبت جامعة الأزهر من الطلبة المتقدمين للإقامة في المدينة الجامعية ضرورة تقديم «فيش وتشبيه»، وهي صحيفة الحالة الجنائية التي تستخرج من الدولة، وذلك للتأكد من أنه لا وجود لسوابق للمقيمين في المدينة مرتبطة بتأييد الرئيس الأسبق محمد مرسي، علماً بأن «الأمن الوطني» استبعد الكثير من الطلاب بسبب ذلك.
إلى ذلك، علّق وزير الأوقاف، مختار جمعة، قرار وزارته إلزام الأئمة بنص «الخطبة الموحدة» التي بدأ تطبيقها الجمعة الماضية، وهو قرار جاء استجابة لضغوط مشايخ من الأزهر استنكروا عدم استشارتهم في الأمر. واكتفى جمعة بـ«مضمون موحد»، للخطبة مع تشكيل لجنة تكون مهمتها الاتفاق على صياغة الخطبة التي ستوحّد في عنوانها في كل المحافظات.