لا خرق حتى الساعة في محادثات الكويت يوحي بأن هذه الجولة ستختلف عن سابقاتها في تحقيق تقدّم في المسار السياسي المتعثر للأزمة اليمنية. ورغم أنه لا يزال مبكراً الجزم بأن مصير هذه الجولة سيكون الفشل أيضاً، برز تعديلٌ على تشكيلة وفد الرياض قد يصعّب مهمة ردم الهوة التي لا تزال عميقة بين الطرفين. ففيما لم يغيّر وفد صنعاء الذي يمثل حركة «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» في تركيبة أعضائه، استبعد وفد الرياض ثلاثة وزراء في حكومة أحمد بن دغر، وهم وزراء العدل خالد باجنيد، وحقوق الإنسان عز الدين الأصبحي، والصناعة والتجارة محمد السعدي، إضافةً إلى نائب وزير الأشغال معين عبد الملك، ونائبة وزير الإدارة المحلية ميرفت مجلي. وجرى استبدال هذه الأسماء بأعضاء جدد، هم مستشار الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي للشؤون الإعلامية والثقافية نصر طه مصطفى، ووزير المالية السابق صخر الوجيه، وعضو البرلمان اليمني علي منصر، وينتمي جميعهم إلى حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون)، إضافة إلى علي منصر والعقيد في الجيش اليمني عسكر زعيل المقرّب من اللواء علي محسن الأحمر، ورئيس فرع الحزب الاشتراكي في محافظة عدن. وترمي التشكيلة الجديدة إلى إعطاء حزب «الإصلاح» ثقلاً أكبر في الوفد التفاوضي إلى الرياض، بعدما شكت قيادات «الإصلاح» في السابق من «تهميشهم»، وعبّروا عند كل جولات التفاوض من جنيف إلى الكويت عن مخاوفهم من استبعادهم في أي اتفاق أو صيغة حكم مستقبلية.
ورأت مصادر مطلعة على مسار المحادثات أن تغيير أعضاء وفد الرياض قد يكون القصد منه التنصّل من الالتزامات التي خرجت بها الجولة السابقة، كما أن الدفع بشخصيات «إصلاحية» إلى الواجهة بهذا الشكل، قد يدفع باتجاه إفشال هذه الجولة أيضاً، لما يمثله من استفزازٍ للطرف الآخر، خصوصاً أن «الإصلاح» يتصدّر المعارك المشتعلة حالياً في الجبهات الشمالية والشرقية، وهو رأس حربة في «معركة صنعاء» التي يكثر التلويح باقترابها هذه الأيام.
في هذا الوقت، وغداة استئناف المحادثات في العاصمة الكويتية، جدد وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الصباح حرص بلاده على نجاح المشاورات وضمان التوصل إلى حل ونتائج تدعم استقرار اليمن. وعبّر الصباح خلال لقائه بوفد صنعاء عن أمله بسرعة التوصل إلى اتفاق ينهي مأساة الشعب اليمني ويحقق السلام.
من جهته، جدد وفد صنعاء شكره وتقديره للكويت على استضافتها للمشاورات. وأكد الوفد حرصه على الحضور إلى الكويت في الوقت المحدد، وعلى تحقيق السلام «رغم أن الطرف الآخر حاول عرقلة العودة إلى المشاورات عبر التصريحات والتهديدات المستمرة». وأشار إلى ضرورة أن يكون الحل شاملاً، سياسياً وأمنياً وعسكرياً، لأن الأزمة لا تقبل التجزئة. ويحاول الطرف الآخر إعطاء الأولوية في هذه الجولة للملفين العسكري والأمني، في استبعاد للملف السياسي الذي يتمحور حول مطلب وفد صنعاء تشكيل حكومة توافق تبحث في حلّ الملفات الأخرى.
وكان وفد صنعاء قد أكد أنه أجرى خلال الأسبوعين اللذين فصلا بين الجولة الأولى والثانية من المحادثات «مشاورات إضافية»، في موازاة إجراء المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ جولته الدبلوماسية بين صنعاء والرياض. وشدد الوفد، في بيان أصدره أول من أمس، على مواصلة المشاورات وتمسكه بإنجاز اتفاق سياسي شامل بناءً على الأرضية التي توصلت إليها المشاورات، مؤكداً عدم القبول بأي أجندات أو انحرافات بعيداً عن هذا السياق.
على المستوى الميداني، يواصل تنظيم «داعش» عملياته ضد مواقع عسكرية تابعة للقوات الموالية لهادي ولقوات «التحالف» في مدينة المكلا، حيث وقع صباح أمس تفجيران انتحاريان، بشاحنتين مفخختين، استهدفا معسكراً وحاجزاً في منطقة بروم غربي المكلا. ويتبع الحاجز المستهدف لـ«قوات النخبة» (تموّلها الإمارات)، فيما استهدف انتحاريان يقودان شاحنتين معسكر الغبر في المنطقة نفسها. وأعلن الجيش الموالي لهادي مقتل ستة جنود وجرح 18 آخرين في العمليتين. من جهةٍ أخرى، وفيما تستمر طائرات «التحالف» بانتهاك وقف إطلاق النار، أدى قصفٌ جوي لمدينة المخا، غربي تعز، إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة 16 آخرين.
(الأخبار)