أبدت موسكو اعتراضها الصريح على السياسة «المتقاعسة» التي يتبعها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، في إدارة ملف محادثات جنيف. الاعتراض أتى تحديداً على ربط دي ميستورا، بدء المحادثات بالتفاهم الروسي ـ الأميركي حول الملف السوري، بما يحمله من نقاط خلافية تجعل الوفاق هدفاً صعب المنال، خاصة في ظل الظروف الميدانية التي لن تسمح لواشنطن بتنفيذ وعدها وفصل «معتدليها» عن «جبهة النصرة»، خاصة في ضوء التراجع الميداني للفصائل المسلحة على جبهات الكاستيلو شمال مدينة حلب، وعجز هجوماتها التكتيكية على خطوط التماس في المدينة عن إحداث خرق عسكري، إضافة إلى فشل الهجوم الذي أطلقته في ريف اللاذقية الشمالي، وهو وضع لن يسمح لوفد المعارضة الممثلة لمؤتمر الرياض، بالتقدم نحو طاولة المفاوضات.
لافروف: الجهود الروسية ـ الأميركية لا يمكن أن تحل محل المفاوضات
الأمم المتحدة تبدو عاجزة عن تحريك الملف، رغم اللقاءات الكثيرة التي خاضها فريق دي ميستورا، مع طيف واسع من الأطراف المؤثرة في خلال الفترة التي تلت الجولة الماضية، وهي تحيل القرار إلى صانعي «الهدنة» الأميركي والروسي، في وقت يتعاظم فيه الخلاف بينهما بالتوازي مع فشل مقررات التعاون العسكري بين البلدين، وعلى رأسها ملف «النصرة». وتتوجه الأنظار إلى زيارة كيري المرتقبة لموسكو يوم غد، التي سيلتقي فيها نظيره الروسي، سيرغي لافروف، وقد يجتمع مع الرئيس، فلاديمير بوتين، وفق بيان للكرملين، والتي من المفروض أن تبحث «صياغة نهج مشترك يعتمد على مبادئ واضحة خالية من أي ازدواجية، وفق قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا»، بحسب ما أوضح لافروف، مشيراً إلى أن «الجهود الروسية ـ الأميركية المشتركة لا يمكن أن تحل محل المفاوضات بين الأطراف السورية».
وأضاف الوزير، في خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأذري، إيلمار ماميدياروف، في باكو، أن موسكو «قلقة مما يبديه دي ميستورا من تقاعس في الوفاء بالتزاماته المتعلقة بالدعوة إلى إجراء جولة جديدة من المفاوضات السورية»، مشدداً على أنه «لا يحق لأحد باستثناء السوريين أنفسهم، تحديد مستقبل بلادهم... ولا يمكن أن يحققوا ذلك إلا بعد تحديد مصير المفاوضات». وأضاف أن على الأطراف الخارجية، ولا سيما روسيا والولايات المتحدة بصفتهما الرئيسين المشاركين لمجموعة الدعم الدولية لسوريا، أن يؤثروا على عملية التفاوض، عبر «حثّ الأطراف السورية على تبني مواقف بنّاءة والبحث عن حلول وسط».
وقال لافروف إن البحث سيتطرق إلى «خروقات الهدنة في سوريا من قبل التنظيمات المنضوية تحت لواء جبهة النصرة، على الرغم من ادعاءات تلك التنظيمات التزام نظام الهدنة»، مشيراً إلى أن أهم نقطة تعرقل تنفيذ «الهدنة» هي أن «النصرة ـ خاصة في ريف حلب ـ تنشئ حولها تنظيمات أخرى تدعي أنها غير تابعة لها وتجاهر باستعدادها للانضمام إلى نظام الهدنة، بموازاة تحالفها الميداني مع النصرة». وعلى صعيد آخر، أعرب لافروف عن أمله في تقريب وجهات النظر بين أنقرة ودمشق لتجاوز الأزمة السورية بفعالية أكبر، عقب تطبيع علاقات بلاده مع تركيا، موضحاً أن لقاءه مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في سوتشي، الشهر الماضي، كان «صريحاً، وهو ما يبعث على الأمل في تقليص عدد المواربات لدى التعامل مع الشركاء الأتراك».
ومن جهة أخرى، طالب رئيس «الائتلاف الوطني» السوري، أنس العبدة، مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية، بعقد اجتماع طارئ لـ«دراسة أسباب عدم تطبيق القرارات الدولية»، مضيفاً في مؤتمر صحافي أنه «لم يعد مقبولاً من شقيق أو صديق الصمت أو الاكتفاء بالمواساة». وأوضح أن على مجلس الأمن أن «يدرس مصير قراراته، وأسباب عدم تطبيقها ومن قام بخرقها ومن رفضها، وما زال يرفض التزامها، ويُسوِّف ويعرقل الانتقال السياسي الذي يضمن قيام هيئة حاكمة انتقالية كاملة الصلاحيات دون بشار الأسد وزمرته». إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها لم توجه دعوة إلى روسيا للمشاركة في اجتماع لوزراء دفاع الدول الأعضاء في «التحالف الدولي» ضد تنظيم «داعش»، والذي سيعقد في واشنطن يومي 20 و21 تموز/ يوليو.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، تاس)