حملت تحضيرات الجولة الماضية من المباحثات في جنيف عدداً من نقاط الخلاف بين موسكو وواشنطن، قد يكون أبرزها إصرار موسكو على ضمّ «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» إلى قائمة الجماعات المصنفة إرهابية، ليأتي اتفاق وقف الأعمال القتالية مع الانسحاب الروسي الجزئي، ويهمّش الخلافات ممهداً الطريق لبدء المحادثات. اليوم، غابت أسماء التنظيمين من الجدل بين العاصمتين، وبقي الخلاف حول الفصائل التي تعمل في مناطق «النصرة»، من دون ذكر أسمائها. وكما سابقتها، تنتظر الجولة المقبلة تفاهماً عسكرياً حول عمليات يحتمل أن تكون «مشتركة» ضد «جبهة النصرة»، بالتوازي مع استهداف «داعش»، ما يتطلب نجاح واشنطن في فصل المعارضة «المعتدلة» عن مناطق «النصرة».
دي ميستورا: الفرصة سانحة حتى الأول من أيلول للعودة إلى المباحثات
من جانبها، أشارت موسكو مؤخراً إلى عدم إمكانية الالتزام بالموعد المفترض في الأول من آب، لإطلاق عملية الانتقال السياسي، في ظل عدم التزام الطرف المعارض (الهيئة العليا للمفاوضات) بدخول المفاوضات من دون شروط مسبقة، عبر إصرارها على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد قبل بدء العملية السياسية. التسويف حول الموعد المفترض بدا واضحاً أمس في كلام المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي أوضح أن الفرصة سانحة حتى الأول من أيلول/ سبتمبر المقبل، للعودة إلى المباحثات، مشيراً إلى أن المرحلة أصبحت «حاسمة» لإيجاد حل يجمع بين محاربة «داعش» و«جبهة النصرة»، وعملية الانتقال السياسي. وأوضح في ختام لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي، باولو جنتيلوني، أن هذا الحل يأتي عبر اتفاق محتمل بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، مضيفاً أن البلدين «أظهرا قدرتهما على الاتفاق، وتحذو الجهات الأخرى حذوهما». وأعرب دي ميستورا عن عزمه وإصراره، مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على «تحريك المفاوضات في أسرع وقت ممكن». ومن جهته، أعرب جنتيلوني عن أمله في أن تتمكن موسكو من «التأثير على العملية الانتقالية التي تعتبر ضرورية لتنفيذ التسوية السياسية للأزمة»، مضيفاً: «نحن نعرف مدى التأثير الذي يمكن أن تقوم به روسيا على نظام الأسد... ونحن نأمل أنها ستؤكد دورها الحاسم في الساحة الدولية عن طريق تعزيز عملية الانتقال السياسي في سوريا». أما رئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب، فقد أبدى استعداد «الهيئة» لاستئناف المفاوضات بشرط تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، لافتاً إلى ضرورة وضع جدول مسبق للمفاوضات، كون «الهيئة لا تثق بنظام الأسد وروسيا». وبعدما قال إن «الهيئة لا تطرح أي شروط مسبقة من أجل استئناف المفاوضات»، عاد ليؤكد أن «أي عملية انتقال سياسي لا يمكن أن تبدأ دون رحيل الأسد».
وعلى صعيد آخر، دعا الرئيس السوري خلال اجتماعه مع أعضاء الحكومة الجديدة، بعد أدائهم اليمين الدستورية، إلى «بذل جهود استثنائية ومواكبة المسؤوليات المضاعفة التي فرضتها الظروف الصعبة»، موضحاً أن «الوضع المعيشي يجب أن يكون من أولويات الحكومة... والخطوة الأهم في هذا الإطار العمل على ضبط الأسعار بالتعاون مع المجتمع الأهلي، والحفاظ على قيمة الليرة وتعزيز موارد الدولة». ولفت إلى أن «الملف الأهم في الشأن الاقتصادي هو إعادة الإعمار الذي كانت أولى خطواته مشروع تنظيم الـ66 ــ بساتين خلف الرازي ــ في دمشق، ومشاريع أخرى مشابهة قريباً في حمص وغيرها من المناطق». وأكد ضرورة إيلاء اهتمام حكومي خاص بعوائل شهداء وجرحى الجيش والقوات المسلحة، من خلال الالتزام بإعطائهم حقوقهم كاملة وفق إجراءات مبسطة وسريعة، مشيراً إلى «ضرورة مواكبة المؤسسات الإعلامية للقضايا التي تحظى باهتمام المواطنين وتلامس همومهم، لا أن تكون فقط ناطقة باسم الحكومة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)