هاجم انغماسيو تنظيم «داعش» مرقد السيد محمد بن الإمام الهادي، المعروف بـ«سبع الدجيل»، في مدينة بلد، شمالي بغداد، فجر اليوم الثالث لعيد الفطر. فبعد أيامٍ على تفجير الكرادة وتصدّره للمشهد العراقي، سرق تفجير مرقد «سبع الدجيل» الأضواء، إذ يُعَدّ ثاني المراقد أهمية، شمالي العراق، بعد مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، الذي سبق أن استهدف، في تفجير مماثل، في شباط 2006. واستقرّت حصيلة الهجوم بسقوط 36 شخصاً وإصابة نحو 64 آخرين، وبحسب الرواية التي جمعتها «الأخبار»، من مصادر أمنية وشهود عيان، فإن 15 عنصراً من التنظيم تسلّلوا من ناحية يثرب إلى الجهة الجنوبية للمرقد، حيث تمكنوا من عبور تلك الأراضي الزراعية وبساتينها، واجتازوا نقاط التفتيش، منتحلين صفة «الحشد الشعبي»، وهي المرّة الأولى التي ينتحل بها عناصر «داعش» صفة «الحشد» في تنفيذ هجماتهم.وهاجم «الانغماسيون» إحدى النقاط القريبة من المرقد، وقتل اثنين من عناصرهـا. وتوجهوا بعد ذلك ناحية المرقد، حيث دارت اشتباكات مع حامية المقام والقوّة الأمنية العاملة هناك التي عمدت إلى إغلاق البوابة الرئيسية خشية اقتحام المسلحين. وبحسب مصدر محلي، فإن انغامسياً فجّر نفسه، في تلك الأثناء، وسط مجموعة من الزوّار، الذين لاذوا بمحلات ومجمعات تجارية في محيط المرقد. أعقبه تفجيران انتحاريان: الأوّل، عند البوابة الرئيسية، أما الآخر، فعند البوابة الخلفية، ما أوقع أضراراً كبيرة بالبوابتين، فيما هرب انتحاري آخر إلى مقبرة بلد، حيث فجّر نفسه بعد أن حوصر، دون أن يؤدّي إلى وقوع أيّ خسائر.
سقط 36 شخصاً وأصيب نحو 64 آخرين في الهجوم

بدوره، أكّد مصدر مسؤول في «سرايا السلام»، الجناح العسكري للتيار الصدري، أن «نداءات الاستغاثة وصلت إلى قواتنا الموجودة في قاطع الإسحاقي (10 كلم عن المرقد)، وقد وصلت بخلال دقائق، وشاركت إلى جانب القوّات الأمنية والحشد الشعبي في صد الهجوم الذي استغرق نحو ساعتين»، مشيراً إلى أن الاشتباكات بدأت الساعة 11 مساءً، واستمرت حتى الواحدة فجراً، وأدّت إلى مقتل عددٍ من المهاجمين، فيما تمكّن آخرون من الهرب.
ولفت المصدر في حديثه لـ«الأخبار»، إلى أن قواته «دفعت بتعزيزات عسكرية قوامها لواء، في مسافة 500 متر، محيط المرقد»، وذلك بعد الاتفاق مع قائد القوات البريّة، الفريق رياض جلال، الذي وصل صباح أمس إلى قضاء بلد، وعقد اجتماعاً مع عددٍ من القيادات الأمنية وقيادات الحشد. وأوضح عضو «هيئة الرأي»، في الحشد الشعبي، كريم النوري، أن «مهمة حماية قضاء بلد ومرقد السيد محمد هي من مسؤولية الشرطة المحلية»، مؤكداً أن «قواته كانت خارج القضاء ساعة الهجوم وتدخلت بعد وقوعه». وذكر الموقع الرسمي للحشد الشعبي أن «داعش» استخدم مادة «السيفور الأحمر» الشديدة الاحتراق في هجومه، وهو الثاني من نوعه في فترةٍ لا تتجاوز شهرين، بعد التفجير الانتحاري الذي استهدف مقهىً شعبياً أواخر أيّار الماضي، وأدى إلى مقتل وإصابة العشرات.
وفي السياق، أصدر رئيس الحكومة حيدر العبادي، أوامر بإعفاء قائد عمليات بغداد، الفريق الركن عبد الأمير الشمري، الذي أصبح حليفاً للصدريين عقب مواقفه الأخيرة التي قيل فيها إنه رفض ضرب المتظاهرين، وسهَّل دخولهم إلى المنطقة الخضراء، فضلاً عن مسؤولي الأمن والاستخبارات في العاصمة.
ويشغل الشمري منصب قائد عمليات بغداد، ويتبع لوزارة الدفاع منذ أيّار 2013، بعدما كان يشغل منصب قائد عمليات ميسان (جنوبي العراق). وتصاعد الجدل أخيراً حول أداء الشمّري، خصوصاً في ظل الهجمات الإرهابية المتزايدة، التي تشهدها بغداد في الآونة الأخيرة.