انتهت معركة الفلوجة ضد «داعش»، وسرعان ما توجهت الأنظار إلى المعركة الحاسمة المرتقبة في الموصل، التي يجري الحديث عنها بشكل واسع وسط توقعات بأن تعلن الحكومة العراقية البدء بعملياتها العسكرية، بعد عطلة عيد الفطر.من سيشارك في المعركة الكبرى؟ السؤال متداول في ظل انقسام سياسي حول مستقبل الموصل، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على طبيعة القوات التي من المفترض أن تدخل المدينة لطرد تنظيم «داعش»، بعد عامين كاملين على سقوطها، وهو ما يفسر بالتالي عدم إعلان شكل القوة التي ستتولى العملية.
دافع النجيفي عن مشروع مشاركة القوات الأميركية أو التركية

وفي هذا المجال، يشير الخبير العسكري فاضل أبو رغيف إلى أنّ «القوات التي سيجري اعتمادها، لم تحدّد هويتها بعد، باستثناء قطعات من الجيش العراقي ومكافحة الإرهاب». ويضيف لـ«الأخبار» أن «من المبكر الحديث، الآن، عن شكل القوات وعديدها»، مؤكداً أن «معركة مثل الموصل ستحتاج إلى قوات كبيرة وجهد مضاعف لما جرى في جميع المعارك». أبو رغيف يوضح، أيضاً، أنّ «إعلان أربعة ألوية من الجيش أنها جزء من قوات تحرير نينوى، يعني أن مشاركة هذه القوات مؤكدة، عدا ذلك ما من شيء ثابت».
وفي ظل عدم وضوح الهوية النهائية للقوات التي ستتولى تلك المهمة، وفيما يجري الحديث عن مشاركة «البيشمركة» التابعة لإقليم كردستان في العملية، تحوم الشكوك، أيضاً، حول قدرة ما يُعرف بـ«الحشد الوطني»، وهي قوات تابعة لمحافظ الموصل السابق أثيل النجيفي، جرى تدريبها بإشراف أميركي وسط تقارير أمنية أشارت، منذ وقت قريب، إلى فشل إكمال استعدادها، وهي تتمركز أيضاً قرب معسكرات تنتشر فيها قوات تركية داخل المدينة.
وفي غضون ذلك، يبقى من الممكن التعرف إلى المحاور الثلاثة الرئيسة التي تمثل جزءاً من إستراتيجية الاقتحام، وهي: المحور الشمالي حيث قوات البيشمركة، ومحور الجنوب الشرقي حيث الجيش العراقي، والمحور الجنوبي (شمال محافظة صلاح الدين) حيث شاركت قوات «مكافحة الإرهاب» وقوات من «الحشد الشعبي» في تحرير مدينتي تكريت وبيجي. ومن المعروف أن أطرافاً سياسية عراقية تسعى، بدفع أميركي، إلى منع «الحشد الشعبي» من المشاركة في آخر معارك التحرير، وهي النقطة التي ترفض فصال «الحشد» النقاش فيها، بل على العكس تحدث عدد من هذه الفصائل عن تحضيرات لـ«معركة الموصل»، بالتزامن مع الإعلان عن مهمتها في الفلوجة، وبعدها عند انتهاء المعارك هناك. كما أعلنت «عصائب أهل الحق» أن قواتها تجري استعدادات وتحضيرات ما قبل بدء معارك الموصل. وقال المتحدث العسكري باسم «العصائب» جواد الطليباوي إن «الواجب الشرعي والوطني والأخلاقي يحتّم علينا تحرير الموصل وإنهاء معاناة أهالي المدينة، وعودة أهالي تلعفر، وسهل نينوى إلى مناطقهم». كما أكد أن «من يعترض على مشاركة فصائل الحشد الشعبي المقدس في معارك التحرير، سيسحق بالأقدام ولا يلومن إلا نفسه».
ومنذ استجابة الحكومة العراقية لتقارير ومواقف «الحشد الشعبي»، بشأن تقديم معركة الفلوجة على الموصل، تثير أوساط سياسية الحديث عن أن واشنطن طلبت من بغداد أن تكون معركة الموصل بإشراف القوات الأميركية ومشاركتها، مقابل موافقة «التحالف الدولي» الذي تقوده على تأخير المعركة لصالح معركة الفلوجة التي انتهت للتو. وفي هذا الصدد، يشير المحلل السياسي عزيز حسن إلى أن «واشنطن تريد معركة الموصل أكثر من أي معركة أخرى، ولا نستبعد أن تدفع بقواتها في المحور الذي سيكون من حصة قوات البيمشركة». ويضيف لـ«الأخبار» أنّ «هناك مؤشرات على أن أميركا هي التي ستحدد طبيعة القوات وعديدها»، معتبراً أن «ما هو مؤكد، هي مشاركة التحالف الدولي في الجهد الجوي، وذلك على خلاف معارك الفلوجة وتكريت».
وقبل يومين، دافع زعيم كتلة «متحدون» أسامة النجيفي عن مشروع مشاركة القوات الأميركية أو التركية. وقال إنه «يرحب بأي جهد دولي من تركيا وأميركا وكندا لتحرير الموصل». وأقرّ النجيفي، الذي تحدث سابقاً عن معارضته مشاركة «الحشد»، بأن «ما تحقق في الفلوجة أعطى زخماً لمعركة العراق ضد داعش»، موضحاً أن «عدد عناصر داعش ما يقارب سبعة آلاف شخص داخل المدينة، وفي الضواحي هناك عدد آخر ومجموعهم 12 ألف إرهابي والغالبية من الأجانب». يبقى أن معركة «تحرير الموصل» ستكون بحاجة إلى اتفاق سياسي واسع أكثر من أي معركة خاضها العراق ضد «داعش»، وهو ما ينبع من اعتقاد بأن «المعركة» ستكون للنفوذ أكثر من كونها للتحرير. وترتبط هذه النقطة بمساعي إقليم كردستان للحصول على مناطق كانت تحت سيطرة الحكومة المحلية في الموصل، قبل سقوطها بيد «داعش». وفي هذا الإطار، يشير رئيس كتلة «الرافدين»، وأحد نواب مدينة الموصل يونادم كنا، إلى أن هناك «شروطاً سياسية» تسبق المعركة والخوض فيها. ويقول إن «أسباب تأخير تحرير نينوى، هي الصراع العربي ــ الكردي، وإصرار أطراف على معرفة الوضع ما بعد التحرير كشرط لدخولها أو مساهمتها في طرد داعش».