يبدو أن المشاورات اليمنية متجهة نحو التأجيل إلى ما بعد إجازة عيد الفطر بعد عجز زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن إنقاذ المحادثات من التعثر المتواصل منذ آخر نيسان الماضي. وفي هذه الأثناء، تعمّ الفوضى العسكرية والأمنية الميدان، حيث عاد إلى الواجهة في اليومين الماضيين نشاط تنظيمي «القاعدة» و«داعش» في الجنوب.وبالتزامن مع التسعير العسكري الذي تشهده جبهات تعز وشرق صنعاء، تتواصل «تصفية الحسابات» بين «الحلفاء» في تعز وعدن، حيث يبرز بوضوح الصراع بين الجماعات الموالية للسعودية والأخرى الموالية للإمارات. وآخر فصول هذا الصراع، اقتحام مسلحين لفندق دار التوحيد في عدن الذي كان يقيم فيه 24 قيادياً من قيادات المجموعات المسلحة في تعز وقيادات في الجيش الموالي للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي. وأفادت مصادر أمنية بوقوف قوات تابعة للواء «الحزام الأمني» التابعة للإمارات وراء الهجوم الذي وقع أول من أمس، وتبعه تمركز لهذه القوات فوق أسطح المنازل المجاورة وإغلاق المداخل المؤدية إليه.
وكانت قيادة «التحالف» قد استدعت هؤلاء القادة إلى عدن، بغرض مناقشة دعم تلك الجماعات. ولكن عند وصول تلك القيادات بعد ظهر الأحد الماضي، بحسب الموعد، رفضت قيادات قوات «التحالف» في عدن (الموالية للإمارات) اللقاء بأكثر من عشر قيادات جلّهم من القيادات العسكرية الموالية لهادي والمسنودة سعودياً. وأفادت المصادر بأن تلك القيادات تفاجأت بعدم السماح لهم بدخول المبنى الذي تقيم فيها قيادات من «التحالف» وطلب منهم العودة من حيث أتوا، وهو ما دفع عدداً منهم إلى العودة للفندق متذمرين، باستثناء القيادي السلفي أبو العباس الذي يقود كتائب «حماة العقيدة» المدعومة من الإمارات. ووفقاً لمصادر أمنية، أكدت القوات التي اقتحمت الفندق الذي تقيم فيه قيادات الجماعات المسلحة «الإصلاحية» والأخرى الموالية للرياض، أنها قدمت بأمر من قيادة «التحالف».
واتهم القيادي في حزب «الإصلاح» وأحد قادة الجماعات المسلحة الموالية للحزب، عارف جامل، القيادي السلفي عادل عبده فارع المعروف بـ«أبو العباس» ودولة الإمارات بالوقوف وراء اقتحام الفندق. مجلس تنسيق «المقاومة الشعبية» في تعز، أدان «حصار أطقم ومجموعات مسلحة لقادة عسكريين وقادة في أحزاب اللقاء المشترك في فندق دار التوحيد»، بعد استدعائهم لمقابلة رئيس الوزراء وقيادة «التحالف» في عدن لمناقشة قضية «تحرير» تعز مع «شركاء المعركة». وطالب المجلس قيادة «التحالف» بضرورة إعادة النظر في ما يجري في الميدان و«تلافي الأخطاء التي تربك عملية التحرير».
من جهتها، أصدرت قوات «الحزام الأمني» بياناً حول الحادث قالت فيه إن «هناك بعض الأطراف التي لها أهداف خاصة من الوقوف وراء اقتحام الفندق، ونفت أن تكون القوة المقتحمة قد حققت مع قادة الجماعات المسلحة». وأعلنت في وقت لاحق إلقاء القبض على أربعة عناصر شاركت في عملية اقتحام مقر إقامة تلك القيادات في عدن.
أما السلطة المحلية الموالية لـ«التحالف» في تعز برئاسة المحافظ المعيّن من قبل هادي، علي المعمري، فقالت إن ما حدث خطأ مدان ومرفوض من قبل الجميع، سواء في قيادة السلطة المحلية في عدن أو من قيادة «التحالف»، وهو لا يخرج عن كونه «محاولة يائسة للإيقاع بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في تعز وإخوتهم في الأجهزة الأمنية في عدن وقيادة قوات التحالف».
العملية التي اعتبرها مراقبون إهانة متعمدة من قبل الإمارات لقادة جماعات مسلحة موالية لـ«الإصلاح»، جاءت كرسالة واضحة إلى الحزب في تعز. وأشار هؤلاء إلى أن العملية كشفت عن غياب أي دور لحكومة أحمد بن دغر التي لا يتجاوز نطاق سيطرتها حدود قصر المعاشيق الرئاسي في عدن (وهو مقرّها)، وأن السيطرة الفعلية هي للمجموعات المسلحة. وتتهم الإمارات القيادي في «المقاومة الشعبية» في تعز حمود سعيد الصوفي بمصادرة 300 مليون ريال سعودي، وتؤكد أنها لذلك استبعدت تقديم أي مساعدات عسكرية أو مالية لأي من الجماعات المسلحة الموالية لـ«الإصلاح» الذي سبق أن اتهمته أبو ظبي بالوقوف وراء عرقلة أي تقدم عسكري لـ«التحالف» في جبهات تعز.
في هذا الوقت، وعقب الهجوم الذي تبناه «داعش» في مدينة المكلا وأدى إلى مقتل 19 شخصاً، قُتل سبعة مدنيين على الأقل في غارتين جويتين استهدفتا تنظيم «القاعدة» في منطقة المحفد في محافظة أبين جنوبي البلاد. وقالت مصادر إن القصف الجوي أصاب «من طريق الخطأ» منزلاً. ولم يُعرف بعد إذا كانت الطائرة تابعة لـ«التحالف» الذي ينفذ غارات ضد التنظيم في الجنوب منذ شهرين أو طائرة أميركية من دون طيار.