فضيحة عسكرية ربما هي الأولى من نوعها التي يشهدها العراق بعد أحداث العاشر من حزيران العام الماضي، واحتلال «داعش» للمدن والمناطق الشمالية وتمدده غرباً، تمثلت بتسريب معلومات وخطط عسكرية بشأن عمليات التحرير الجارية في منطقة القيارة جنوبي الموصل التي تشهد عمليات عسكرية أفضت إلى إفشال تقدم القوات العراقية المشتركة.فقد جرى تسريب وثيقة نشرت، أمس، على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، حملت توقيع السكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة محمد حميد كاظم أفادت بأن العبادي «وجّه بفتح تحقيق حول التصريحات المتعلقة بعملية القيارة، التي أفشت بعضاً من الخطط العسكرية التي يستفيد منها العدو، التي أطلقت من قادة عسكريين ومسؤولين»، من دون ذكر المزيد من التفاصيل.
وهذه هي المرة الأولى التي تقرّ فيها الحكومة العراقية بإفشاء خطط عسكرية، بعمد أو من دون عمد وتأمر بالتحقيق، رغم عشرات التصريحات والمعلومات التي يدلي بها نواب ومسؤولون وزعماء كتل سياسية، بين الحين والآخر، بهذا الشأن، وذلك في وقت يستغل فيه العبادي والقيادات العسكرية كل مناسبة لتأكيد قرب انطلاق عملية تحرير الموصل، كان آخرها تصريح العبادي عن الموضوع، خلال لقائه مجموعة من رجال الدين.
وبحسب تسريبات ومعلومات حصلت عليها «الأخبار»، فإن العبادي أرسل لجنة تحقيق إلى منطقة القيارة، للوقوف على حقيقة الموقف هناك، والبدء بإجراء التحقيقات الأولية في هذا الموضوع، ومن ثم سيتبع اللجنة وفد نيابي مكوّن من عدد من أعضاء لجنة الأمن والدفاع في البرلمان لإجراء تحقيق آخر مكمّل للتحقيق الحكومي.
امتعاض من تصريحات «التحالف الدولي» عن أنه لم يُحرّر إلا ثلث الفلوجة

وبحسب مصدر نيابي تحدث لـ«الأخبار»، فإن التحقيقات قد تطيح عددا من القادة العسكريين «وربما ستلفح النار وزير الدفاع خالد العبيدي شخصياً»، لافتاً إلى أنه رُصدت مراسلات بين عسكريين برتب مختلفة وجهات مجهولة «يرجح أن تكون منظمات إرهابية»، على حدّ قول المصدر.
وأشار المصدر إلى أن تلك التسريبات تعطي مؤشرات سلبية عديدة، وخصوصاً أنها جاءت متزامنة مع قرب انطلاق عمليات التحرير الكبرى، ووجود عمليات عسكرية في ضواحي محافظة نينوى، موضحاً أنه لا يستبعد أن يتسبب الموضوع بعرقلة أو تأخير العمليات والتأثير سلباً عليها.
وشهدت العمليات العسكرية، التي انطلقت في وقت سابق لتحرير شمال صلاح الدين (الشرقاط) وجنوب الموصل (القيارة) خلال الساعات الماضية، تقدماً للقطعات العسكرية التي تمكنت من اقتحام قرية الحاج علي جنوب الشرقاط، وتحريرها ورفع العلم العراقي فوق أبنيتها.
وإلى الفلوجة حيث تستمر المعارك لتحرير الأجزاء الباقية منها، فقد أبدى مصدر مقرّب من الحكومة امتعاضه من التصريحات التي أدلى بها المتحدث باسم «التحالف الدولي» كريستوفر غارفير عن أن القوات العراقية لم تحرّر سوى ثلث الفلوجة، وذلك عكس المواقف والتصريحات الرسمية التي تؤكد السيطرة على نحو 90% من المدينة.
وقال المصدر لـ«الأخبار» إن «تصريح غارفير يحمل في طياته حسابات سياسية، حيث أن الأميركيين لا يتعاملون إلا مع الأراضي التي تقع تحت سيطرة القوات العراقية من الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب، ولا ينظرون للأراضي التي حررها الحشد الشعبي»، مشيراً إلى أن «التصريح متناقض مع ما موجود على أرض العراق من تقدّم ومنجزات ميدانية».
وفي سياق متصل، دعا الأمين العام لـ«هيئة علماء المسلمين» مثنى حارث الضاري دول الخليج إلى التدخل لمنع سقوط الفلوجة بيد القوات العراقية، معتبراً أن «سقوطها سيؤثر على سنّة الخليج، لا العراق فحسب». وقال الضاري، في مقابلة مع «الجزيرة»، إن «الهدف النهائي لمعركة الفلوجة هو خلق حاجز طائفي بين العرب السنة في العراق والسعودية».
ورأى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري في تصريحات الضاري غير المسبوقة، تأييداً واضحاً لتنظيم «داعش» ودعوة لإنقاذ التنظيم، مشيراً إلى أن تلك التصريحات قد تفتح الباب لملاحقة الضاري دولياً لا محلياً فقط.
وقال الشمري لـ«الأخبار» إن «مثل تلك التصريحات لن تجد لها أي صدى في الوقت الحاضر، وخصوصاً أن المعطيات أكدت عدم حدوث انتهاكات أو تجاوزات على المدنيين خلال العمليات العسكرية»، مشيراً إلى أن «معركة الفلوجة تحظى بدعم وتأييد دولي وعربي كبيرين».